• وأما طريق جرير: فعنه طريقان؛ أحدهما المحفوظ فيه: إثبات الانقطاع، والثاني: غريب، لم يُرو إلا من طريق البيهقي، وهو طريق قتيبة.
وحاصل ما تقدم: فإن هذا الحديث مرسل فيما بين مجاهد وأبي عياش، والله أعلم.
° وقد قيل: إن كلام البخاري يحتمل وجهًا آخر:
• فقد اختلف في وصله وإرساله على مجاهد:
أ - فهكذا رواه منصور بن المعتمر [وهو: ثقة ثبت]، عن مجاهد، عن أبي عياش الزرقي مرفوعًا.
وخالفه: خلاد بن عبد الرحمن [صنعاني، ثقة]، وعمر بن ذر المرهبي [كوفي، ثقة]، وعبد الله بن أبي نجيح [مكي، ثقة، سمع مجاهدًا؛ غير أنه لم يسمع منه التفسير، وهذا منه]، وابن جريج [مكي ثقة، وقال: قال مجاهد، وهي صيغة تدل على عدم سماعه من مجاهد، لاسيما وهو لم يسمع التفسير من مجاهد]:
فرووه عن مجاهد مرسلًا؛ قال: لم يصلِّ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلاة الخوف إلا مرتين؛ مرة بذي الرقاع من أرض بني سليم، ومرة بعسفان، والمشركون بضجنان، بينهم وبين القبلة، قال: فصف النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أصحابه. . . فذكر نحوه. كذا في رواية خلاد، وفي رواية ابن جريج: قال: قال مجاهد في قوله: {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: ١٠١] نزلت يوم كان النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعسفان والمشركون بضجنان،. . . فذكره مطولًا.
أخرجه عبد الرزاق (٢/ ٥٠٣ / ٤٢٣٥) و (٢/ ٥٠٤/ ٤٢٣٦)، وابن أبي شيبة (٢/ ٢١٤/ ٨٢٧٧) (٥/ ٤٠٧/ ٨٣٦٣ - ط. عوامة)، وابن جرير الطبري في تفسيره (٧/ ٤١١ و ٤١٢ و ٤٣٩)، وابن أبي حاتم في التفسير (٣/ ١٠٥٢ / ٥٨٩٥).
وقال أبو داود: "وكذلك عكرمة بن خالد، عن مجاهد، عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".
• تنبيه: وقع في رواية ابن جريج [عند عبد الرزاق]: فصلى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بأصحابه صلاة الظهر أربعًا، وكذا وقع في رواية ابن أبي نجيح [عند ابن أبي حاتم]، فقال: أربع ركعات، لكن اضطربت الرواية عن ابن أبي نجيح، فمرة يقول: أربع ركعات، ومرة: ركعتين، ومرة: ركعتين، أو: أربعًا، والشك فيه ممن دون ابن أبي نجيح [كما عند ابن جرير]، وهذه رواية منكرة، إذ لم يحفظ عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بإسناد صحيح أنه أتم في السفر، وسبق الكلام عن هذه المسألة في أحاديث القصر في السفر.
قلت: الوصل زيادة من حافظ متقن، فتقبل زيادته، ورواية الإرسال تحمل على أن مجاهدًا قصد تفسير الآية حسب، فلم يحتج إلى إسناد الرواية، هذا من وجه، ومن وجه آخر: فإن المكيين اللذين رووا عنه هذا الحديث لم يسمعا منه التفسير، مما يضعف القول بترجيح رواية الجماعة، والله أعلم.
وبناءً على ما تقدم:
فإن المحفوظ في هذا الحديث: رواية منصور، عن مجاهد، عن أبي عياش الزرقي،