للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الموطأ عن غير عكرمة؛ لأن مالكًا كان يكره عكرمة لرأيه، وقد أخرج مالك مرةً لداود عن عكرمة، وأبهم عكرمة [الموطأ (١/ ٤٢/ ٢٠) وقال ابن المديني: "ما روى عن عكرمة فمنكر"، وقال أبو داود: "أحاديثه عن شيوخه مستقيمة، وأحاديثه عن عكرمة: مناكير" [التهذيب (٣/ ٤)، إكمال مغلطاي (٤/ ٢٤٤)، الميزان (٢/ ٥)، تاريخ الإسلام (٨/ ٤٠٩)].

ومن النقاد من رأى أن النبلاء ممن روى عنه من الضعفاء، مثل ابن عدي، حيث قال في الكامل (٣/ ٩٢) (٤/ ٤٤١ - ط. الرشد): "فإن داود: صالح الحديث؛ إذا روى عنه ثقة"، ثم قال: "وداود هذا له حديث صالح، فإذا روى عنه ثقة فهو صحيح الرواية؛ إلا أن يروي عنه ضعيف فيكون البلاء منهم لا منه"، كما أن هناك من لينه بإطلاق، مثل أبي حاتم وأبي زرعة، ولم يتركاه أو يغلظا فيه العبارة لأجل رواية مالك عنه، كما أن هناك من وثقه بإطلاق، مثل ابن معين وابن سعد والعجلي وغيرهم، وقال فيه النسائي على تشدده: "ليس به بأس"، واحتج بحديثه هذا عن عكرمة [طبقات ابن سعد (٥/ ٤١٤)، تاريخ ابن معين رواية الدوري (٣/ ١٧٨/ ٧٩٠ و ٧٩٢) و (٣/ ١٩٤/ ٨٨٨)، التاريخ الكبير (٣/ ٢٣١)، الجرح والتعديل (٣/ ٤٠٨)، التاريخ الكبير لابن أبي خيثمة (٢/ ٢٨٦/ ٢٩٤٧ و ٢٩٤٨)، الثقات (٦/ ٢٨٤)].

وحديث ردِّ زينب بنت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على أبي العاص بالنكاح الأول، وهو مروي بهذا الإسناد: قدَّمه يزيد بن هارون وأحمد والبخاري والترمذي والدارقطني وغيرهم على الحديث المعارض له الذي رواه الحجاج بن أرطأة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده؛ أنه ردَّها بنكاح جديد [راجع: مسند أحمد (٢/ ٢٠٨)، جامع الترمذي (١١٤٢ - ١١٤٤)، علل الترمذي الكبير (٢٨٩)، سنن الدارقطني (٣/ ٢٥٣)، سنن البيهقي (٧/ ١٨٧)، التمهيد لابن عبد البر (١٢/ ٢٠)، الاستذكار (٥/ ٥٢٠)، شرح السُّنَّة (٩/ ٩٥)، مجموع الفتاوى (٣٢/ ٣٣٨)، إعلام الموقعين (٢/ ٣٥٢)، حاشية ابن القيم على السنن (٦/ ١٩٢ و ٢٣٣)، أحكام أهل الذمة (٢/ ٦٥٧)، الفتح لابن حجر (٩/ ٤٢٣)]؛ وفي هذا دلالة قوية على أن هذا الإسناد ليس بالساقط، ويحتمل مثله، ويعتبر به، إذا صح الإسناد إليه، فيصلح في الشواهد والمتابعات، ولو كان كل ما رواه داود عن عكرمة عن ابن عباس منكرًا، لما جاز الاستشهاد به، ولا تقديمه على غيره؛ إذ المنكر أبدًا منكر.

بل إن الإمام أحمد قد صححه واحتج به، فقال في مسنده (٢/ ٢٠٨) بعد أن ضعف حديث ابن أرطأة: "والحديث الصحيح: الذي روي أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أقرهما على النكاح الأول"، وقال البخاري: "حديث ابن عباس أصح".

وقال الدارقطني بعد أن ضعف حديث ابن أرطأة: "والصواب: حديث ابن عباس؛ أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ردها بالنكاح الأول".

كذلك فإن الترمذي لما خرج حديث رد زينب على أبي العاص في جامعه (١١٤٣) لم يضعف إسناده، بل قال: "ليس بإسناده بأس"؛ إلا أنه حمل التبعة والخطأ فيه على حفظ داود بن الحصين.

<<  <  ج: ص:  >  >>