لكن رد ذلك ابن القطان فقال في بيان الوهم (٥/ ٥٤٦/ ٢٧٧٥): "وهذا ممن ظنه خطأ، ولم تدع إليه ضرورة، فإنه ليس بمحال أن يكون صالح بن خوات قد روى القصة عن رجلين: أحدهما شاهدٌ للقصة فلم يسمه، والآخر لم يشاهد، وهو سهل بن أبي حثمة"، وذلك؛ لأن سهل بن أبي حثمة توفي رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو ابن ثمان سنين، وقد استفاض ابن القطان في بيان ذلك، وأن سنه لا يحتمل شهود صلاة الخوف، والله أعلم.
وقال ابن حجر في الفتح (٧/ ٤٢٢): "قيل: إن اسم هذا المبهم سهل بن أبي حثمة؛ لأن القاسم بن محمد روى حديث صلاة الخوف عن صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة، وهذا هو الظاهر من رواية البخاري، ولكن الراجح أنه أبوه خوات بن جبير؛ لأن: أبا أويس روى هذا الحديث عن يزيد بن رومان شيخ مالك فيه فقال: عن صالح بن خوات عن أبيه، أخرجه ابن منده في معرفة الصحابة من طريقه، وكذلك أخرجه البيهقي من طريق عبيد الله بن عمر عن القاسم بن محمد عن صالح بن خوات عن أبيه".
وقال أيضًا (٧/ ٤٢٥) في سهل: "اتفق أهل العلم بالأخبار على أنه كان صغيرًا في زمن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، إلا ما ذكر ابن أبي حاتم عن رجل من ولد سهل أنه حدثه أنه بايع تحت الشجرة وشهد المشاهد إلا بدرًا وكان الدليل ليلة أحد، وقد تعقب هذا جماعة من أهل المعرفة، وقالوا: إن هذه الصفة لأبيه، وأما هو فمات النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو ابن ثمان سنين، وممن جزم بذلك: الطبري وابن حبان وابن السكن وغير واحد، وعلى هذا فتكون روايته لقصة صلاة الخوف مرسلة، ويتعين أن يكون مراد صالح بن خوات ممن شهد مع النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلاة الخوف غيره، والذي يظهر أنه أبوه كما تقدم، والله أعلم".
• قلت: لكن أبا حاتم وأبا زرعة قد اتفقا على تخطئة من قال في هذا الحديث: عن صالح بن خوات عن أبيه.
قال أبو زرعة لما سئل عن حديث عبد الله العمري عن أخيه عبيد الله:"هذا خطأ؛ إنما صالح بن خوات، عن سهل بن أبي حثمة، عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقال ابن أبي حاتم: الوهم ممن هو؟ قال: "من العمري" [العلل (٢/ ٥٢/ ٢٠٩)].
وقال ابن أبي حاتم: "وسألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه عبد الله العمري، عن أخيه عبيد الله بن عمر، عن القاسم بن محمد، عن صالح بن خوات، عن أبيه، عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ في صلاة الخوف. قلت: ورواه أبو أويس، عن يزيد بن رومان، عن صالح بن خوات، عن أبيه. وقال مالك: عن يزيد بن رومان، عن صالح بن خوات، عمن صلى مع رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؟
فقال أبو زرعة: الصحيح من حديث يزيد بن رومان: ما يقول مالك.
قلت لأبي زرعة: الوهم من أبي أويس؟ قال: نعم.
قال أبي: هذا خطأ؛ يقال: عن صالح بن خوات، عن سهل بن أبي حثمة، عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ وهذا الصحيح [العلل (٢/ ٢٥١/ ٣٥٢)].