الناس واحد في العدد، ولأنه لا يثبُت عندنا مثلُه؛ لشيءٍ في بعض إسناده" [سنن البيهقي (٣/ ٢٦٢)، المعرفة (٣/ ١١)].
قال البيهقي (٣/ ٢٦٢) بعد أن ساق كلام الشافعي: "هذا حديث لم يخرجه البخاري ولا مسلم في كتابيهما، وأبو بكر بن أبي الجهم يتفرد بذلك هكذا عن عبيد الله بن عبد الله، وقد يحتمل أن يكون مثل صلاته بعسفان، فإن قوله: ثم ذهب هؤلاء إلى مصاف أولئك وجاء أولئك؛ أراد به في تقدُّم الصف المؤخَّر وتأخُّر الصف المقدَّم، وقد روى الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، ما دل على ذلك مع اختلافٍ فيه عن الزهري وقتَ حراسة أحد الصفين، ورواه عكرمة عن ابن عباس، وقد مضى ذكر هذه الروايات، وفي ذلك دليل على صحة هذا التأويل".
وانظر في ذلك أيضًا تأويل الطحاوي لأحاديث الباب.
* قلت: أما دعوى عدم الثبوت، فهي غير صحيحة، فهو حديث ثابت، صحيح الإسناد، وليس له علة، وقد أثبته جماعة من أئمة الحديث ونقاده:
قال أحمد في رواية علي بن سعيد في صلاة الخوف: "قد روي ركعة وركعتان، ابن عباس يقول: ركعة ركعة، إلا أنه كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - ركعتان وللقوم ركعة، وما يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كلها صحاح" [الفتح لابن رجب (٦/ ٢٧)].
وقد احتج به البخاري في جزء القراءة، وكذا احتج به النسائي في صحاحه، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، وهم من أئمة الحديث الشافعية، فلم يتابعوا الشافعي على تضعيفه.
وأما دعوى تفرد أبي بكر بن أبي الجهم به عن عبيد الله، فدعوى غير صحيحة، بل تابعه الزهري عليه، وأخرجه من طريقه البخاري في صحيحه وفي جزء القراءة، وعبارته في جزء القراءة تدل على أنه يراهما بمعنى واحد، وأن الزهري لم يخالف ابن أبي الجهم:
قال البخاري في القراءة خلف الإمام (١١٥) بعدما أخرج حديث ابن عباس مرفوعًا: "وفي الخوف ركعة"، وحديث الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس مرفوعًا، قال: "وكذلك يروى عن حذيفة وزيد بن ثابت وغيرهم: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بهؤلاء ركعة وبهؤلاء ركعة"، ثم أخرج حديث أبي بكر بن أبي الجهم عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال: "مثله"، يعني: مثل حديث الزهري.
وأما دعوى أن البخاري ومسلمًا لم يخرجاه، فيقال: لم يخرجا كل ما صح من أحاديث صلاة الخوف، بل قد نص البخاري على تحسين أحاديث في صلاة الخوف أخرج واحدًا منها في صحيحه ولم يخرج البعض الآخر [كما في علل الترمذي (١٦٦ - ١٦٨)].
وأما دعوى أن جميع الأحاديث في صلاة الخوف مجتمعة على أن على المأمومين من عدد الصلاة مثل ما على الإمام، وأن أصل الفرض في الصلاة على الناس واحد في العدد: