• وفي ختام أحاديث صفة صلاة الخوف [عدا الصلاة في شدة الخوف رجالًا أو ركبانًا]، نذكر أقوال بعض الأئمة بإباحة الأخذ بما يناسب الحال مع العدو، على حسب اختلاف أحوال الخوف، مما صح من أحاديث صلاة الخوف:
قال ابن عبد البر في التمهيد (١٥/ ٢٦٨): "خيَّر الثوري في صلاة الخوف على ثلاثة أوجه: أحدها: حديث ابن مسعود الذي ذهب إليه أبو حنيفة، والثاني: حديث أبي عياش الرزقي، وإليه ذهب ابن أبي ليلى جملة، وذهب إليه أبو حنيفة وأصحابه إذا كان العدو في القبلة، والثالث: الوجه الذي بلغه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة بذي قرد"، يعني: ركعة واحدة.
وقال الأثرم:"قلت لأحمد بن حنبل: صلاة الخوف يقول فيها بالأحاديث كلها، كل حديث في موضعه، أم يختار واحدًا منها؟ فقال: أنا أقول: من ذهب إلى واحد منها، أو ذهب إليها كلها فحسن، وأما حديث سهل بن أبي حثمة فأنا أختاره؛ لأنه أنكأ للعدو، قلت له: حديث سهل بن أبي حثمة تستعمله مستقبلي القبلة كان العدو أو مستدبريها؟ قال: نعم، هو أنكأ فيهم؛ لأنه يصلي بطائفة ثم يذهبون، ويصلي بطائفة أخرى ثم يذهبون" [التمهيد (١٥/ ٢٦٤)].
وقال ابن عبد البر في التمهيد (١٥/ ٢٦٨): "وقال أحمد بن حنبل: لا أعلم أنه روي في صلاة الخوف إلا حديث ثابت، هي كلها ثابتة، فعلى أي حديث صلى المصلي صلاة الخوف أجزأه إن شاء الله".
وقال أحمد أيضًا [كما في مسائل إسحاق الكوسج (٣٥٨)]: "صلاة الخوف كلها جائزة، ولا أعلم فيها إلا إسنادًا جيدًا".
قلتُ [القائل هو إسحاق الكوسج]: "فالذي يقول: إنه إنما صلى مرةً واحدةً، قال: وما علْمُ من يقول هذا؟ قال: وأختار قول سهل بن أبي حثمة.
قال إسحاق [يعني: ابن راهويه]: كما قال في كلها [يعني: كما قال أحمد]، إنها على أوجه خمسة أو أكثر، فأيتها أخذتَ بها أجزأك، وقول سهل بن أبي حثمة يجزئ، ولسنا نختاره على غيره من الوجوه".
ونقل الترمذي (٥٦٤) عن أحمد قوله: "قد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف على أوجه، وما أعلم في هذا الباب إلا حديثًا صحيحًا، وأختار حديث سهل بن أبي حثمة".
وقال أيضًا في رواية حرب:"كل حديث روي في صلاة الخوف: فهو صحيح الإسناد، وكلَّ ما فعلتَ منه فهو جائز" [الفتح لابن رجب (٦/ ١١ و ٢٧)].
وقال في رواية علي بن سعيد في صلاة الخوف:"قد روي ركعة وركعتان، ابن عباس يقول: ركعة ركعة، إلا أنه كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - ركعتان وللقوم ركعة، وما يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كلها صحاح" [الفتح لابن رجب (٦/ ٢٧)، وانظر أيضًا: شرح ابن بطال على البخاري (٥٣٥/ ٢)].