للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال الشافعي في الرسالة (١١٧ - ط. الوفاء): "فقال: فهل للحديث الذي تركتَ وجهٌ غيرَ ما وصفتَ؟ قلتُ: نعم؛ يحتمل أن يكون لما جاز أن يصلي صلاة الخوف على خلاف الصلاة في غير الخوف؛ جاز لهم أن يصلوها كيف ما تيسر لهم، وبقدر حالاتهم وحالات العدو، وإذا أكملوا العدد فاختلفت صلاتهم، وكلها مجزئة عنهم" [المعرفة (٣/ ١٠)].

وقال ابن جرير الطبري في تفسيره (٧/ ٤٤٤): "فإنا نرى أن من صلاها من الأئمة فوافقت صلاته بعض الوجوه التي ذكرناها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه صلاها، فصلاته مجزئة عنه تامة لصحة الأخبار بكل ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنه من الأمور التي علَّم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أمتَه ثم أباح لهم العمل بأي ذلك شاؤوا".

وقال ابن حبان: "هذه الأخبار ليس بينها تضاد ولا تهاتر، ولكن المصطفى - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة الخوف مرارًا في أحوال مختلفة بأنواع متباينة على حسب ما ذكرناها، أراد - صلى الله عليه وسلم - به تعليم أمته صلاة الخوف، أنه مباح لهم أن يصلوا أي نوع من الأنواع التسعة التي صلاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الخوف على حسب الحاجة إليها، والمرء مباح له أن يصلي ما شاء عند الخوف من هذه الأنواع التي ذكرناها، إذ هي من اختلاف المباح من غير أن يكون بينها تضاد أو تهاتر".

وقال أبو بكر الجصاص في أحكام القرآن (٣/ ٢٤٢): "واختلاف هذه الآثار تدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد صلى هذه الصلوات على اختلافها على حسب ورود الروايات بها، وعلى ما رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - احتياطًا في الوقت من كيد العدو، وما هو أقرب إلى الحذر والتحرز، على ما أمر الله تعالى به من أخذ الحذر في قوله: {وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً} [النساء: ١٠٢] ".

وقال الخطابي في المعالم (١/ ٢٦٩): "صلاة الخوف أنواع، وقد صلاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أيام مختلفة، وعلى أشكال متباينة، يتوخَّى في كل ما هو أحوط للصلاة، وأبلغ في الحراسة، وهي على اختلاف صورها مؤتلفة في المعاني".

وقال ابن حزم في المحلى (٥/ ٤١) في معرض الرد على بعض المخالفين: " ... أحاديث الكوافِّ من الصحابة - رضي الله عنهم - أجمعين: إنهم شهدوا صلاة الخوف مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرات: مرة بذي قرد، ومرة بذات الرقاع، ومرة بنجد، ومرة بين ضجنان وعسفان، ومرة بأرض جهينة، ومرة بنخل، ومرة بعسفان، ومرة يوم محارب وثعلبة، ومرة إما بالطائف وإما بتبوك [بعض الغزوات المذكورة سميت بأسماء متعددة، وهي واحدة].

وقد يمكن أن يصليها في يوم مرتين للظهر والعصر، وروى ذلك عن الصحابة أكابر التابعين والثقات الأثبات".

وقال البيهقي في الدلائل (٣/ ٣٦٨): "واختلاف الروايات في كيفية صلاة الخوف بها، لاختلاف الأحوال به في صلاته، والله أعلم كيف كان ذلك، والمقصود معرفة كيفية صلواته".

<<  <  ج: ص:  >  >>