الفجر، وهذا مما عده الحفاظ من أوهام مالك، منهم: مسلم في كتاب التمييز، وحكى أبو بكر الخطيب مثل ذلك عن العلماء، وحكاه ابن عبد البر عن أهل الحديث، ... ".
وقال ابن حجر في الفتح (٣/ ٤٤): "تقدم في أول أبواب الوتر في حديث ابن عباس؛ أن اضطجاعه - صلى الله عليه وسلم - وقع بعد الوتر قبل صلاة الفجر، ولا يعارض ذلك حديث عائشة؛ لأن المراد به نومه - صلى الله عليه وسلم - بين صلاة الليل وصلاة الفجر، وغايته أنه تلك الليلة لم يضطجع بين ركعتي الفجر وصلاة الصبح، فيستفاد منه عدم الوجوب أيضًا، وأما ما رواه مسلم من طريق مالك عن الزهري عن عروة عن عائشة؛ أنه - صلى الله عليه وسلم - اضطجع بعد الوتر: فقد خالفه أصحاب الزهري عن عروة، فذكروا الاضطجاع بعد الفجر، وهو المحفوظ، ولم يصب من احتج به على ترك استحباب الاضطجاع، والله أعلم".
عباد بن منصور، عن عكرمة بن خالد المخزومي، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: أتيت خالتي ميمونة بنت الحارث، فبِتُّ عندها، فوجَدْتُ ليلتَها تلك من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ... فذكر الحديث، وفيه: حتى إذا أضاء الفجر، قام فصلى ركعتين، ثم وضع جنبه فنام، حتى سمعت فَخِيخه، ثم جاءه بلال فآذنه بالصلاة، فخرج فصلى، وما مس ماءً.
وهو حديث منكر، تقدم تخريجه في فضل الرحيم الودود (٢/ ١٣٣/٨٠).
* ورواه سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، قال: أخبرني غريب، عن ابن عباس؛ أنه قال: لما صلى ركعتي الفجر اضطجع حتى نفخ، فكنا نقول لعمرو: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "تنام عيناي، ولا ينام قلبي".
أخرجه أحمد (١/ ٢٢٠)، وهو في الصحيحين من هذا الوجه [البخاري (١٣٨ و ٨٥٩)، مسلم (١٨٦/ ٧٦٣)]، لكن بلفظ: ثم صلى [ما شاء الله]، ثم اضطجع فنام حتى نفخ، ثم أتاه بلال فآذنه بالصلاة، فخرج فصلى الصبح ولم يتوضأ.
وقد صح عنه صريحًا في الاضطجاع بعد الوتر، لا بعد ركعتي الفجر، من رواية مالك بن أنس، والشاهد منه: ثم أوتر، ثم اضطجع، حتى أتاه المؤذن، فقام فصلى ركعتين خفيفتين، ثم خرج فصلى الصبح [يأتي عند أبي داود برقم (١٣٦٧)، وهو في الموطأ (٣١٧)، والبخاري (١٨٣ و ٩٩٢ و ١١٩٨ و ٤٥٧٠ - ٤٥٧٢)، ومسلم (٧٦٣/ ١٨٢)].
ويأتي تخريجه بطرقه موسعًا - إن شاء الله تعالى - في موضعه من السنن بأرقام (١٣٥٣ - ١٣٥٨ و ١٣٦٤ - ١٣٦٧).