للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما إذا دخل المسجد وقد أقيمت الصلاة لم يشرع له ابتداء النافلة [لحديث أبي هريرة]، ولو شرع فيها صحت مع الإثم، والله أعلم.

وقد روي عن ابن مسعود وابن عمر وابن عباس وأبي الدرداء في ابتداء ركعتي الفجر بعد الإقامة [راجع: ما أخرجه عبد الرزاق (٢/ ٤٤٣ و ٤٤٤/ ٤٠١٩ - ٤٠٢٢)، وابن أبي شيبة (٢/ ٥٧/ ٦٤١٥ و ٦٤١٩ و ٦٤٢١)، وابن المنذر في الأوسط (٥/ ٢٣١ و ٢٣٢/ ٢٧٦١ - ٢٧٦٥) (٥/ ٢٣٣ و ٢٣٤/ ٢٧٤٠ - ٢٧٤٤ - ط. الفلاح)، والطحاوي (١/ ٣٧٤ و ٣٧٥)، والطبراني في الكبير (٩/ ٢٧٧ و ٢٧٨/ ٩٣٨٥ - ٩٣٨٧)، وراجع الحديث المتقدم برقم (١١٥٣)]، والله أعلم.

قلت: وليس لأحد قول مع قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا دخل المسجد وقد أقيمت الصلاة دخل مع القوم، ولم يشرع في النافلة، ثم يقضيها بعد طلوع الشمس، وبه قال سفيان الثوري، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور [جامع الترمذي (٤٢١)، الأوسط لابن المنذر (٥/ ٢٣١)].

قال الشافعي: "ومن دخل المسجد وأقيمت صلاة الصبح؛ فليدخل مع الناس، ولا يركع ركعتي الفجر، وليركعهما بعدما يصلي قبل أن تطلع الشمس" [مختصر البويطي (٢٩٣)].

وقال إسحاق بن منصور الكوسج في مسائله لأحمد وإسحاق (٢٧٢): "قلت: إذا جاء لصلاة الغداة وقد أقيمت، ولم يكن صلى الركعتين؟ قال: يدخل مع القوم. قلت: متى يقضيها؟ قال: من الضحى. قال إسحاق: كما قال" [وانظر: مسائل إسحاق (٤٣٤ و ٤٦٦)، مسائل البغوي (٥٧ و ٥٨)].

وهذا إبراهيم النخعي، وهو من كبار فقهاء الكوفة ممن نقل علم ابن مسعود وغيره، يقول: كانوا يكرهون الصلاة إذا أخذ المؤذن في الإقامة؛ صح ذلك عنه [مصنف ابن أبي شيبة (١/ ٤٨٤٣/٤٢١)].

قال ابن تيمية في شرح العمدة (٤/ ٦٠٧): "فإذا أقيمت الصلاة فقد دخل الوقت الذي عينه الإمام، وهو وقت مضيق لأنه حين فعل الصلاة لا يمكن الاشتغال بعبادة أخرى فأيما صلاة صليت بعد الإقامة كانت كأنها هي الصلاة المأمور بها، المشروعة حينئذ؛ لأن ذلك الوقت لا يتسع لغير ما أمر به، فمن صلى بعد ذلك غير المكتوبة فكأنه زاد في المكتوبة، أو صلاها مرتين، ولهذا - والله أعلم - أشار - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "آلصبح أربعًا وبقوله: "بأي صلاة اعتددت؟ بصلاتك وحدك، أو بصلاتك معنا؟ "، إذ لا صلاة بعد الإقامة إلا ما دعي إليه بالإقامة، وأيضًا فإن السنن يمكن أن تفعل بعد الفريضة قضاء، وما يفوته من إدراك حد الصلاة، وما يفوته من الصلاة خلف الإمام، ولو بعد ركعة جماعة؛ لا يستدرك بالقضاء، فكانت المحافظة على ما لا يستدرك أولى من المحافظة على ما يمكن استدراكه، ولأن ما يدركه من تكبيرة الافتتاح والتأمين والركوع أفضل من جميع التطوعات، لما ورد

<<  <  ج: ص:  >  >>