سياق كلام الدارقطني في سرد الخلاف، وآخر كلام الدارقطني في بيان الراجح يبين ذلك [العلل (١١/ ٣٠٠/ ٢٢٩٦ - تحقيق: د. محفوظ الرحمن) (٥/ ٤٥٨/ ٢٢٩٦ - تحقيق: الدباسي)].
• خالف الجماعة فوهم في إسناده ومتنه:
معمر بن راشد، وجعفر بن عون [وعنه: أحمد بن حازم الغفاري]:
فروياه عن ابن أبي ذئب، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يصلِّ يوم الأحزاب الظهر والعصر والمغرب والعشاء، حتى ذهب هوي من الليل، قال: وذلك قبل أن تنزل صلاة الخوف، فأمر بلالًا فأذن ثم أقام الظهر، ... ثم ذكر الحديث بمثله. واللفظ لمعمر.
أخرجه عبد الرزاق (٢/ ٥٠٢/ ٤٢٣٣)، والخطيب في الفقيه والمتفقه (١/ ٢٥٤).
قلت: أما معمر بن راشد؛ فإنه ثبت في الزهري وابن طاووس، وقد يهم في حديث غيرهما، وقد وهم هنا في موضعين: أحدهما: بإسقاط عبد الرحمن بن أبي سعيد من الإسناد، والثاني: بزيادة الأذان، وأما جعفر بن عون؛ فإنه ثقة، لكن الوهم فيه عندي من ابن أبي غرزة، وهو: أحمد بن حازم بن محمد بن يونس بن قيس بن أبي غرزة أبو عمرو الغفاري الكوفي صاحب المسند، وهو وإن قال فيه ابن حبان: "كان متقنًا"، وقال الذهبي: "حافظ صدوق" [الجرح والتعديل (٢/ ٤٨)، الثقات (٨/ ٤٤)، المؤتلف للدارقطني (٣/ ١٦٨٨)، السير (١٣/ ٢٣٩)، تذكرة الحفاظ (٢/ ٥٩٤)، تاريخ الإسلام (٢٠/ ٢٤٩)]؛ إلا أن الدارقطني قال عنه في الأفراد (٢/ ٤٨٠٨/٢٢٤ - أطرافه): "يقال: إن أبا عمرو ابن أبي غرزة: اختلط عليه حديث سهل بن عامر بحديث جعفر بن عون"، والله أعلم.
° وانظر فيمن وهم فيه وهمًا قبيحًا: ما أخرجه الدارقطني في العلل (١١/ ٣٠١/ ٢٢٩٦ - تحقيق: د. محفوظ الرحمن) (٥/ ٤٥٩/ ٢٢٩٦ - تحقيق الدباسي).
° قال الدارقطني في العلل (١١/ ٣٠٠/ ٢٢٩٦): "والصحيح: قول يحيى القطان ومن تابعه، عن ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن عبد الرحمن بن أبي سعيد، عن أبيه".
وعليه: فإن ذكر الأذان في حديث أبي سعيد شاذ لا يثبت، والله أعلم.
قال البيهقي في الخلافيات (١/ ٤٨٢ - مختصره): "رواة هذا الحديث كلهم ثقات، وقد احتج مسلم بعبد الرحمن بن أبي سعيد، وسائرهم متفق على عدالتهم" [البدر المنير (٣/ ٣١٨)].
وقال النووي في المجموع (٣/ ٩١): "حديث أبي سعيد - رضي الله عنه - صحيح، رواه الإمامان أبو عبد الله الشافعي وأحمد بن حنبل في مسنديهما بلفظه هنا بإسناد صحيح".
وقال ابن الملقن في البدر المنير (٣/ ٣١٧): "هذا الحديث صحيح".
قلت: هو كما قالوا؛ حديث صحيح، ولا تعارض بينه وبين حديث جابر المتفق عليه، لإمكان التعدد في هذه الواقعة، والله أعلم.