قلائص من الصدقة، فنسبتهما حتى صليت العصر، ثم ذكرتهما، فكرهت أن أصليهما في المسجد والناس يروني، فصليتهما عندك".
أخرجه الطحاوي (١/ ٣٠٢) بإسناد صحيح إلى أبي أسامة. [الإتحاف (١٨/ ١٤١/ ٢٣٤٥٦)].
قلت: وهذا إسناد رجاله ثقات؛ غير عبد الرحمن بن أبي سفيان، وهو: ابن حويطب بن عبد العزى، ذكره ابن حبان في الثقات، وهو في عداد المجاهيل مع قلة ما يروي، وليس له رواية في الكتب الستة، روى عنه الزهري بواسطة مبهمة، ولا يُعرف له سماع من معاوية، ولا من عائشة، ولا من أم سلمة، قال البخاري: "سمع كعبًا وعبد الله بن الحارث، روى عنه محمد بن عمرو بن عطاء، وقال عقيل عن الزهري عن من حدثه عن عبد الرحمن بن أبي سفيان: استعملني مروان على الصدقة، هو من بني عامر بن لؤي القرشي الحجازي"، كذا وقع في التاريخ ومن طريقه ابن عساكر: استعملني مروان، وفي الجرح والتعديل: عمر، قال ابن عساكر: "وذكر ابن أبي حاتم أن الذي استعمله على الصدقة: عمر بن عبد العزيز" [التاريخ الكبير (٥/ ٢٩٣)، الجرح والتعديل (٥/ ٢٤٢)، الثقات (٧/ ٦٥)، تاريخ دمشق (٣٤/ ٣٨٩)، مغاني الأخيار (٢/ ٦٠١)، الثقات لابن قطلوبغا (٦/ ٢٥٧)].
قال ابن حزم في المحلى (٢/ ٢٧٠): "وعبد الرحمن هذا: مجهول، ولم يذكر أيضًا أنه سمعه من أم سلمة، وهو خبر موضوع لا شك فيه؛ لأن فيه كذبًا ظاهرًا لا شك فيه، وهو ما نسب إلى عائشة من قولها: ليس عندي صلاهما، وقد ذكرنا من روى تكذيب هذا آنفًا، ولأن فيه أيضًا لفظًا لا يجوز البتة أن يقوله -عليه السلام- وهو "فكرهت أن أصليهما في المسجد والناس ينظرون إليَّ فصليتهما عندك"، ثم تكلف كلامًا كرهت نقله.
وعلى هذا: فإن هذا الحديث لا يصح بهذا السياق، لا سيما المرفوع من قوله -صلى الله عليه وسلم-: "هما سجدتان كنت أصليهما بعد الظهر فقدم عليَّ قلائص من الصدقة، فنسيتهما حتى صليت العصر، ثم ذكرتهما، فكرهت أن أصليهما في المسجد والناس يروني، فصليتهما عندك"، وأما بقية ما قال فيه فيمكن تأويله لو صح، لكنه حديث منكر، والله أعلم.
* والصواب ما رواه:
محمد بن إسحاق [مدني، صدوق]، قال: حدثني محمد بن عمرو بن عطاء، عن عبد الرحمن بن أبي سفيان بن حويطب، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن عائشة، قالت: حدثتني أم سلمة؛ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاهما في بيتها. [تعني: أول مرة حين قضاهما].
أخرجه الطبراني في الكبير (٢٣/ ٢٤٩/ ٥٠٢)، بإسناد صحيح إلى ابن إسحاق.
وقد روي من وجوه أخر ضعاف:
٥ - رواه عبد الله بن إدريس، وشعبة، وعبيدة بن حميد، ومحمد بن فضيل، وغيرهم: عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث، قال: دخلت مع ابن عباس على