للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المبارك عن ثور قال: حُدِّثت عن رجاء بن حيوة عن كاتب المغيرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وليس فيه المغيرة، فأفسده من وجهين: حين قال: حُدثت عن رجاء، وأرسله ولم يسنده.

وقد كان نعيم بن حماد حدثني بهذا عن ابن المبارك؛ كما حدثني به الوليد، فقال: عن ثور عن رجاء عن كاتب المغيرة عن المغيرة، فقلت له: إنما يقول هذا الوليد، فأما ابن المبارك فيقول: حُدِّثت عن رجاء، ولا يذكر المغيرة؟ فقال نعيم: هذا حديثي الذي أسأل عنه، فأخرج إليَّ كتابه القديم بخط عتيق؛ فإذا فيه ملحق بين السطرين بخط ليس بالقديم: "عن المغيرة" وأوقفته عليه، وأخبرته أن هذه زيادة في الإسناد لا أصل لها، فجعل يقول للناس بعدُ وأنا أسمع: اضربوا على هذا الحديث. هذا معناه" [الإمام (٢/ ١٤٦)، التلخيص (١/ ٢٨٠)].

وفي كل هذه النصوص التي تقدمت، والنقول التي سبقت: أن عبد الله بن المبارك يرويه عن ثور بن يزيد قال: حُدِّثت عن رجاء بن حيوة، عن كاتب المغيرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا، وأن لفظة "حُدِّثت" واقعة بين ثور ورجاء، وأن الانقطاع إنما هو بين ثور بن يزيد ورجاء بن حيوة، وليس بين رجاء وكاتب المغيرة، كما وهم في ذلك من وهم.

فها هو الترمذي الإمام بعدما ينقل هذا الإسناد ويحكيه عن البخاري وأبي زرعة على الوجه الصحيح الذي تقدم ذكره في كتابه "العلل الكبير"، تراه بعد ذلك يقول في جامعه (١/ ١٦٣): "وهذا حديث معلول؛ لم يسنده عن ثور بن يزيد غير الوليد بن مسلم، قال أبو عيسى: وسألت أبا زرعة ومحمد بن إسماعيل عن هذا الحديث؟ فقالا: ليس بصحيح؛ لأن ابن المبارك روى هذا عن ثور عن رجاء بن حيوة، قال: حُدِّثت عن كاتب المغيرة، مرسل عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يذكر فيه المغيرة".

هكذا وقعت كلمة "حدثت" بين رجاء وكاتب المغيرة، وإنما هي بين ثور ورجاء كما في سائر النصوص المتقدمة عن الإمام أحمد والبخاري وأبي زرعة والدارقطني؛ بل والترمذي نفسه في العلل، ويبدو لي -والله أعلم- أن الوهم فيه إنما هو من الترمذي نفسه؛ فهكذا وقعت في سائر نسخ الجامع [ومنها نسخة الكروخي (١٠/ ب)]، وفى نسخة الجامع بشرح المباركفوري [تحفة الأحوذي (١/ ٢٧٢)]، وفي نسخة الجامع بشرح ابن العربي [عارضة الأحوذي (١/ ١٢٢)]، وفي مستخرج الطوسي على الترمذي [مختصر الأحكام (١/ ٣٠٠)] فإنه ينقل فيه أحكام الترمذي وكلامه، وإلى توهيم الترمذي في هذا مال العلامة أحمد شاكر في تعليقه على الجامع (١/ ١٦٤).

ثم إن قوله: "لم يسنده عن ثور بن يزيد غير الوليد بن مسلم" غير مسلَّم، فقد تابع الوليد عليه:

محمد بن عيسى بن سميع [صدوق يخطئ ويدلس]، وعتبة بن السكن [متروك، متهم بالوضع. اللسان (٤/ ١٤٨)، كشف الأستار (٧٠٠)، سنن الدارقطني (١/ ١٥٩) و (٢/ ١٨٤) و (٣/ ٢٥٠)، أخرج حديثه هذا: تمام في الفوائد (٥٧٧)]، وإبراهيم بن محمد بن أبي يحيى

<<  <  ج: ص:  >  >>