للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مضطرب الإسناد، يقال: إنه لم يسمع من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وسماعه منه عندي صحيح؛ لأنه نقله الثقات، منهم الثوري ولم يخالفه من هو في الحفظ والإتقان مثله".

فيقال: قد خالفه من هو مثله في الحفظ والإتقان: شعبة، وتبعه وهيب بن خالد، ورواه على هذا الوجه بالزيادة ابن أبي نجيح عن مجاهد، ونفى أهل الحكم بن سفيان أن يكون أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم إن ابن عبد البر نفسه لم يستقر على هذا القول؛ فقد أعاد ذكره مرة أخرى في الاستيعاب (٩٦٧) فقال: "سفيان بن الحكم، ويقال: الحكم بن سفيان: روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأكثرهم يقولون: الحكم بن سفيان عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومنهم من يقول: سفيان بن الحكم عن أبيه، وهو حديث مضطرب جدًّا، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - توضأ ونضح فرجه".

• وممن أعله بالاضطراب مطلقًا أيضًا:

الترمذي: حيث قال في جامعه (١/ ٧٢) بعد الحديث رقم (٥٠): "وقال بعضهم: سفيان بن الحكم أو الحكم بن سفيان، واضطربوا في هذا الحديث".

وقال الذهبي في الميزان (١/ ٥٧٠): "ما له غيره، وقد اضطرب فيه منصور عن مجاهد ألوانًا ... ".

وقال ابن حجر في إتحاف المهرة (٤/ ٣١٥): "فيه اختلاف كثير على مجاهد، وقد أعل بالاضطراب".

وقال في التهذيب (٢/ ٣٨٨): "وفيه اضطراب كثير".

وقال في التقريب (٢٦٢): "قيل: له صحبة، لكن في حديثه اضطراب".

وسكت عنه في الفتح (١٠/ ٣٣٨).

وأورده السيوطي في تدريب الراوي (١/ ٢٦٦) كمثال على الاضطراب في الإسناد.

قلت: حيث ثبت لدينا أن المحفوظ في هذا الإسناد قول من قال: مجاهد، عن الحكم بن سفيان -أو كيفما قالوا في اسمه ونسبه-، عن أبيه، قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - . . . الحديث.

فعندئذ يقال: بأن الاضطراب هنا ليس بقادح؛ إذ إن الاختلاف فيه دائر على اسم الراوي ونسبه، ولم يعده إلى غيره، فإن الاضطراب القادح هو ما لا يتحقق معه معرفة عين راوي الحديث، ويكون دائرًا بين ثقة وضعيف أو أكثر، بحيث لا نستطيع معه الوقوف على عين الراوي للحديث، بحيث يتسنى لنا الحكم على السند، بخلاف ما لو كان دائرًا كيفما كان على ثقة، فلا إشكال حينئذ.

أما والحال كهذه، قد عرفنا عين الراوي، وإنما وقع الاختلاف في تعيين اسمه ونسبه، فهو تابعي يروي هذا الحديث عن أبيه، ولأبيه صحبة.

وهذا الراوي غير مشهور؛ إذ لو كان مشهورًا لما وقع الاختلاف والاضطراب في اسمه واسم أبيه، فهو في عداد المجاهيل؛ إذ لم يرو عنه غير مجاهد، وما له من الحديث إلا هذا فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>