لما قال أبو حاتم مرة أخرى حين سأله ابنه:"هل سمع أبو سلام من ثوبان؟ " فقال أبو حاتم: "قد روى عنه، ولا أدري سمع منه أم لا؟ "، ولو كان جازمًا لقال: لم يسمع.
كذلك فقد جزم الدارقطني بعدم سماعه من حذيفة بن اليمان [التتبع (١٨٢)، تحفة التحصيل (٣١٥)]، وحذيفة أقدم وفاة من ثوبان، كانت وفاته سنة (٣٦).
وأما النعمان بن بشير فقد ثبت سماع أبي سلام منه، وأخرج له مسلم في صحيحه من حديث أبي توبة: حدثنا معاوية بن سلام، عن زيد بن سلام؛ أنه سمع أبا سلام، قال: حدثني النعمان بن بشير، قال: كنت عند منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . . . الحديث، وقد تأخرت وفاة النعمان عن حذيفة وثوبان، فكانت وفاته سنة (٦٥) [انظر: صحيح مسلم (١٨٧٩)، مسند أحمد (٤/ ٢٦٩)، مسند البزار (٨/ ٢٠٠/ ٣٢٣٨)، مسند أبي عوانة (٤/ ٤٦٥/ ٧٣٥٣)، صحيح ابن حبان (١٠/ ٤٥١/ ٤٥٩١)، وغيرها].
بل إن أبا مسهر قد أثبت السماع لأبي سلام من عبادة بن الصامت [تاريخ أبي زرعة الدمشقي (٣٧٤)، تاريخ دمشق (٦٠/ ٢٧١)، تاريخ الإسلام (٧/ ٢٦٣)]، ووفاة عبادة كانت سنة (٣٤)، وقيل: عاش إلى خلافة معاوية، وكان يدخل بينهما أبا أمامة أيضًا، كما سمع أبو سلام أيضًا من الحارث بن الحارث الأشعري، ولم أقف على سنة وفاته [راجع: فضل الرحيم الودود (١٠/ ٥٠/ ٩١٠)].
إذا تبين لك ذلك، وهو ثبوت سماع أبي سلام من النعمان، مع تقدم وفاته على وفاة أبي أمامة بأكثر من عشرين سنة، حيث توفي أبو أمامة سنة (٨٦)، فهذا مما يجعل النفس تطمئن إلى ثبوت سماع أبي سلام من أبي أمامة، كما سيأتي ذلك بإسناد صحيح، والله أعلم.
* ولحديث عمرو بن عبسة طرق كثيرة منها:
١ - ما رواه إسماعيل بن عياش [روايته عن أهل الشام مستقيمة، وهذه منها]، عن يحيى بن أبي عمرو السيباني [حمصي، ثقة، من السادسة]، عن أبي سلام الدمشقي [ممطور الحبشي: ثقة، من الثالثة]، وعمرو بن عبد الله [الحضرمي أبو عبد الجبار الشامي: قال يعقوب بن سفيان والعجلي: "شامي، ثقة"، وذكره ابن حبان في ثقات التابعين. التاريخ الكبير (٦/ ٣٤٩)، معرفة الثقات (١٢٧١)، المعرفة والتاريخ (٢/ ٤٣٧)، الجرح والتعديل (٦/ ٢٤٤)، الثقات (٥/ ١٧٩)، الميزان (٣/ ٢٧٠)، التهذيب (٣/ ٢٨٧)]، أنهما: سمعا أبا أمامة الباهلي، يحدث عن حديث عمرو بن عبسة السلمي، قال: رغبت عن آلهة قومي في الجاهلية، ورأيت أنها آلهة باطلة، كانوا يعبدون الحجارة، والحجارة لا تضر ولا تنفع، قال: فلقيت رجلًا من أهل الكتاب فسألته عن أفضل الدين، فقال: رجل يخرج من مكة، ويرغب عن آلهة قومه، ويدعو إلى غيرها، وهو يدعو إلى أفضل الدين، فإذا سمعت به فاتبعه، ... فذكر الحديث، قال: فسألت عنه فوجدته مستخفيًا بشأنه، [ووجدت قريشًا عليه جرءاء]، فتلطفت له حتى دخلت عليه، فسلمت عليه، فقلت له: ما أنت؟ فقال: