والثاني: أن كلًا منهما يدخل بينه وبين عمرو بن عبسة رجلًا، والسادس: أن عمرو بن عبسة يروي عنه الكبار، روى عنه: أبو أمامة، وهو صحابي تأخرت وفاته، وقيل: روى عنه عبد الله بن مسعود - على جلالة قدره -، وسهل بن سعد الساعدي، وروى عنه: شرحبيل بن السمط، وهو مختلف في صحبته، توفي سنة (٤٠) أو بعدها، والله أعلم.
٣ - ورواه الليث بن سعد [واللفظ له]، وعبد الله بن وهب، ومعن بن عيسى، وأبو صالح عبد الله بن صالح [وهم ثقات؛ عدا الأخير ففيه كلام يسير]:
قالوا: حَدَّثَنَا معاوية بن صالح [هو الحضرمي الحمصي: صدوق، له إفرادات وغرائب وأوهام، ولأجل ذلك تكلم فيه من تكلم، والأكثر على توثيقه، وقد أكثر عنه مسلم، لكن أكثره في المتابعات والشواهد. راجع: فضل الرحيم الودود (٧/ ٣٥٨/ ٦٦٦)]، قال: أخبرني أبو يحيى سليم بن عامر [الخبائري: ثقة، من الثالثة]، وضمرة بن حبيب [أبو عتبة الحمصي: ثقة، من الرابعة]، وأبو طلحة نعيم بن زياد [ثقة، من الثالثة]، قالوا: سمعنا أبا أمامة الباهلي، يقول: سمعت عمرو بن عبسة، يقول:[وفي رواية: أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل فتح مكة، وفي أخرى: وهو نازل بعكاظ]، قلت: يا رسول الله! هل من ساعة أقرب من الأخرى؟ أو: هل من ساعة يبتغى [وفي الكبرى: يتَّقى] ذكرها؟ قال:"نعم؛ إن أقرب ما يكون الرب عز وجل من العبد جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله عَزَّ وَجَلَّ في تلك الساعة فكن؛ فإن الصلاة محضورة مشهودة إلى طلوع الشمس، فإنها تطلع بين قرني الشيطان، وهي ساعة صلاة الكفار، فدع الصلاة حتى ترتفع قيد رمح ويذهب شعاعها، ثم الصلاة محضورة مشهودة حتى تعتدل الشمس اعتدال الرمح بنصف النهار؛ فإنها ساعة تفتح فيها أبواب جهنم وتسجر؛ فدع الصلاة حتى يفيء الفيء، ثم الصلاة محضورة مشهودة حتى تغيب الشمس؛ فإنها تغيب بين قرني شيطان وهي صلاة الكفار".
قلت: يا رسول الله كيف الوضوء؟ قال:"أما الوضوء؛ فإنك إذا توضأت فغسلت كفيك فأنقيتهما خرجت خطاياك من بين أظفارك وأناملك، فإذا مضمضت واستنشقت منخريك وغسلت وجهك ويديك إلى المرفقين ومسحت رأسك وغسلت رجليك إلى الكعبين اغتسلت من عامة خطاياك، فإن أنت وضعت وجهك لله عز وجل خرجت من خطاياك كيوم ولدتك أمك".
قال أبو أمامة: فقلت: يا عمرو بن عبسة انظر ما تقول؟ أكل هذا يعطى في مجلس واحد؛ فقال: أما والله لقد كبرت سني ودنا أجلي وما بي من فقر فأكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولقد سمعته أذناي ووعاه قلبي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
ولفظ معن عند الترمذي مختصرًا: قال معن: حَدَّثَنِي معاوية بن صالح، عن ضمرة بن حبيب، قال: سمعت أبا أمامة، يقول: حَدَّثَنِي عمرو بن عبسة، أنه سمع النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، يقول:"أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن".