وقد علل النهي بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإنها تغرب بين قرني شيطان، وحينئذٍ يسجد لها الكفار"[كما في حديث ابن عمر، وعمرو بن عبسة، وسمرة].
ويمكن أن يقال بأن هذا الوقت الأخير يبدأ بتدلي الشمس للغروب لحديث عقبة بن عامر الجهني، قال: ثلاث ساعات كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهانا أن نصلي فيهن، أو أن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب. وفي رواية: وحين تصوَّب الشمس لغروبها، وفي رواية: وعند اصفرار الشمس وإضافتها حتى تغيب.
وعلى هذا يدل كلام أحمد، ففي مسائل أبي داود (١٠٣٤ و ١٠٣٥): "سئل عن الصلاة على الجنازة عند غروب الشمس؟ قال: إذا تدلت الشمس للغروب فلا يصلى عليها"، قيل لأحمد:"الشمس على الحيطان مصفرة؟ قال: يُصلَّى عليها ما لم تدلى للغروب".
وقال ابن قدامة في المغني (١/ ٤٢٨): "والصحيح: أن الوقت الخامس من حين تتضيف الشمس للغروب إلى أن تغرب".
ويلاحظ أن الوقتين الأول والثاني لم يغلظ فيهما النهي، وقد حكى ابنُ المنذر عن الشافعي الإجماعَ على إقامة الجنائز في هذين الوقتين، ثم حكاه بعضهم عن ابن المنذر، وإنما هو كلام الشافعي في اختلاف الحديث (١٠/ ١٠١ - أم) حيث قال: "ثم إجماع الناس في الصلاة على الجنائز بعد الصبح والعصر" [انظر: الأوسط (٢/ ٣٩٧) و (٥/ ٣٩٥)، المغني (٢/ ٨٢)، مجموع الفتاوى (٢٣/ ١٩١)، الفتح لابن رجب (٣/ ٢٨٣)، التوضيح لابن الملقن (٦/ ٢٦٠)، وغيرها]، وهذا محمول على ما إذا صلي على الجنازة بعد الصبح وبعد العصر في أول وقتها، وقد اختلفت الرواية عن ابن عمر؛ فصح عنه أنه أجازها بعد الصلاة إذا صُليت للوقت، ففي الموطأ (٦١٣) بإسناد صحيح كالشمس، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، قال: يُصلَّى على الجنازة بعد العصر وبعد الصبح، إذا صُلّيتا لوقتهما، وصح عنه أيضًا المنع مطلقًا، ففي مصنف عبد الرزاق (٦٦٦٩) بإسناد صحيح كالشمس أيضًا، عن معمر، عن الزُّهري، عن سالم، عن ابن عمر؛ أنه قال: إنه لا يصلح لكم أن تصلوا على الجنازة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس، ولا بعد العصر حتى تغيب الشمس [راجع مثلًا: ما أخرجه مالك في الموطأ (١/ ٣١٤/ ٦١٢ و ٦١٣)، وعبد الرزاق (٣/ ٥٢٣ و ٥٢٤/ ٦٥٦٠ و ٦٥٦١ و ٦٥٦٣ - ٦٥٦٥ و ٦٥٦٨)(٣/ ٣٩١ و ٣٩٢/ ٦٦٦٤ و ٦٦٦٥ و ٦٦٦٧ - ٦٦٦٩ و ٦٦٧٢ - ط. التأصيل)، وابن أبي شيبة (٢/ ٤٨٥/ ١١٣٢٤ و ١١٣٢٨)، والبيهقي (٢/ ٤٦٠) و (٤/ ٣٢)]، ولعله يحمل على فعلها في آخر الوقت قبل الشروق والغروب، وقال الجمهور بجواز صلاة النافلة الفائتة، وركعتي الطواف، وركعتي تحية المسجد، ونحو ذلك من ذوات الأسباب، وعلى هذا فإن عموم