وثمة إسناد آخر لمكحول في هذا الحديث، لكني لم أتبين أمره:
ففي التحفة والنكت الظراف: أن النسائي روى هذا الحديث في الكبرى: عن الربيع بن سليمان بن داود [الجيزي: ثقة]، عن عبد الله بن يوسف [التنيسي: ثقة متقن]، عن الهيثم بن حميد [الغساني: ثقة]، عن أبي العلاء بن الحارث [كذا؛ وإنما هو العلاء بن الحارث بن عبد الوارث الحضرمي: ثقة، من أعلم أصحاب مكحول]، عن مكحول به.
انظر: السنن الكبرى للنسائي (١/ ٢٦١/ ٤٦٩ - ط. الرسالة) (٢/ ٢٦٣/ حاشية ٣ - ط. التأصيل) (٣/ ٣٩٣/ ٢٢ - ط. التأصيل). التحفة (٨/ ٢٦٦/ ١١٦٥٣ - ط. الغرب) (٩/ ٣٥/ ١١٦٥٣ - ط. المكتب الإسلامي). المسند المصنف (٢٠/ ٣٩٣/ ٩٣٢٠).
ولم أقف على هذا الطريق مسندًا من وجه آخر حتى يظهر لي الوجه الذي رواه عليه العلاء بن الحارث عن مكحول، هل تابع عليه سعيد بن عبد العزيز ومحمد بن راشد، أم زاد قيسًا في الإسناد مثل رواية برد بن سنان عن سليمان بن موسى، ولم أجده في ترجمة العلاء بن الحارث عن مكحول من مسند الشاميين (٢/ ٣٦٨ - ٣٧٢)، ولا في ترجمة مكحول عن كثير بن مرة (٤/ ٣٥٢ - ٣٥٤)، فالله أعلم.
وهذا الحديث رواه أيضًا جماعة من الثقات، عن أبان بن يزيد العطار، عن قتادة، عن نعيم بن همار، عن عقبة بن عامر الجهني، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الله يقول: يا ابن آدم، اكفني أول النهار بأربع ركعات، أكفك بهن آخر يومك".
وفي رواية عفان بن مسلم قال: أخبرنا أبان، قال: حدثنا قتادة، قال: حدثنا نعيم بن همار، عن عقبة بن عامر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "قال ربكم: أتعجز يا ابنَ آدم أن تصلي أول النهار أربع ركعات، أكفك بهن آخرَ يومِك".
أخرجه أحمد (٤/ ١٥٣ و ٢٠١)، وابن أبي خيثمة في التاريخ الكبير (١/ ٥٧٤/ ٢٣٧٣ - السفر الثاني)، وأبو يعلى (٣/ ٢٩٤/ ١٧٥٧)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (٦٢/ ١٨٧ و ١٨٨)، [الإتحاف (١١/ ٢٣٨/ ١٣٩٦٣)، المسند المصنف (٢٠/ ٣٩١/ ٩٣٢٠)].
قال ابن أبي خيثمة: "تابع سعيد بن عبد العزيز على همار، وقال: عن عقبة بن عامر".
* قلت: هذا الحديث له علة، تفسد السماع الوارد في رواية أبان:
• أولًا: جزمُ الأئمة أن قتادة لم يلق من الصحابة: إلا أنسًا، وعبد الله بن سرجس، ومنهم من تردد فلم يثبت له السماع إلا من أنس [المراسيل (٦٤٠)، جامع التحصيل (٢٥٥)، تحفة التحصيل (٢٦٢)، فضل الرحيم الودود (١/ ١٠٩/ ٢٩)].
• ثانيًا: تأخر وفاة أنس بن مالك [توفي سنة (٩٢)]، وعبد الله بن سرجس [حيث روى عنه عاصم الأحول، وهو متأخر الوفاة، توفي بعد (١٤٠)]، وأما نعيم بن همار فهو متقدم جدًّا حيث روى عنه كثير بن مرة وأبو إدريس الخولاني، وهما من كبار التابعين، وقد تقدمت وفاتهما على أنس وابن سرجس؛ فأنى لقتادة إدراك نعيم.