أن أحمد لم يحتج بهذا الحديث الذي تفرد به عياض هذا، فخالف في روايته جماعة الثقات ممن رووه عن أم هانئ، ولعل ابن عبد البر نقل ذلك عن الأثرم نفسه، لا عن أحمد، والله أعلم.
* وروي من طريق ابن عباس عنها من وجه آخر، ولا يثبت:
رواه حجاج بن نصير [ضعيف، كان يقبل التلقين]: ثنا أبو بكر الهذلي - واسمه سلمى -[متروك الحديث، عامة ما يرويه لا يتابع عليه]، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس، قال: كنت أمر بهذه الآية فما أدري ما هي؟ قوله: {بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ}، حتى حدثتني أم هانئ بنت أبي طالب، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها، فدعا بوضوء في جفنة، فكأني أنظر إلى أثر العجين فيها، فتوضأ، ثم قام فصلى الضحى، فقال: "يا أم هانئ، هذه صلاة الإشراق".
أخرجه الطبراني في الكبير (٢٤/ ٤٠٦/ ٩٨٦)، وفي الأوسط (٤/ ٢٩٦/ ٤٢٤٦)، وأبو إسحاق الثعلبي في الكشف والبيان (٨/ ١٨٣)، وعنه: الواحدي في الوسيط (٣/ ٥٤٤)، ومن طريقه: البغوي في التفسير (٤/ ٥١).
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن عطاء عن ابن عباس؛ إلا أبو بكر الهذلي، تفرد به: حجاج بن نصير".
قلت: وهذا حديث منكر بهذا السياق.
• والمعروف في هذا عن عطاء بدون ذكر ابن عباس، وبغير هذا السياق:
فقد رواه ابن جريج [ثقة ثبت، وهو أثبت الناس في عطاء بن أبي رباح]، وعبد الملك بن أبي سليمان العرزمي [ثقة، له أوهام، وهو من أصحاب عطاء بن أبي رباح؛ إلا أنه يهم عليه في الشيء بعد الشيء. الضعفاء الكبير (٣/ ٣٢)، وانظر: العلل ومعرفة الرجال (٣/ ٢١٩/ ٤٩٤٩)، التهذيب (٢/ ٦١٣)، الميزان (٢/ ٦٥٦)]:
قال ابن جريج: أخبرنا عطاء، عن أم هانئ بنت أبي طالب؛ أنها دخلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح وهو في قبة له، فوجدته قد اغتسل بماء كان في صحفة إني لأرى فيها أثر العجين، ورأيته يصلي الضحى.
زاد في رواية أحمد عن عبد الرزاق به: قلت: إخالُ خبرَ أم هانئ هذا ثبت؟ قال: نعم.
ووقع في رواية السراج عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق به: قلت: أجاءك بخبر أم هانئ هذا ثبتٌ؟ قال: نعم. قال: فهل جاءك عن صلاة الضحى إلا قول أبي هريرة وخبر أم هانئ؟ قال: قطُّ، لم يأتني إلا ذلك.
وبجمع هاتين الروايتين يتبين أن السائل هو ابن جريج، يسأل شيخه عطاء بن أبي رباح، لأنه لم يسمع من أم هانئ، والله أعلم.
أخرجه النسائي في المجتبى (١/ ٢٠٢/ ٤١٥)، وأحمد (٦/ ٣٤١) (١٢/ ٦٤٩٨ /