٢٣٣)]، وكأنه يشق على الناقد معرفة سماعه من إرساله، لكثرة ما يرسل، وقول أبي حاتم في المراسيل (٥٤٤) لما ذكره: "لم يدرك النبي - صلى الله عليه وسلم -" فيه إشارة إلى كثرة إرساله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى يخشى أن يظن الظان أنه صحابي، بل إن سماعه الوارد في الأسانيد عن أنس بن مالك [المتوفى سنة (٩٣)]: غير محفوظ، والصواب: أن بينهما رجلًا [انظر: التاريخ الكبير (٥/ ٨٧)، تاريخ دمشق (٢٨/ ٦٥) و (٣٦/ ٤٤٩) و (٣٧/ ٥٤) و (٤٠/ ٢٢٩)، ويأتي بيانه]، وأما البخاري في تاريخه الكبير (٧/ ٣٣) فلم يثبت له السماع سوى من أبي ثعلبة الخشني وحده، مع كونه يعلم ورود السماع له من أنس فيما أخرجه هو في موضع آخر من التاريخ الكبير (٥/ ٨٧)، وظاهر تصرفه هناك أنه أعله بالرواية التي فيها إثبات الواسطة، ومع كون البخاري أثبت لعروة السماع من أبي ثعلبة في هذا الموضع؛ فقد قال في موضع آخر من التاريخ (٦/ ٤٣٦): "عقبة بن يريم: عن أبي ثعلبة، روى عنه عروة بن رويم الشامي، في صحة خبره نظر"، فها هو البخاري يضعف خبره مع إثبات الواسطة بين عروة وأبي ثعلبة، وإنما هو حديث واحد، رواه عروة مرة عن أبي ثعلبة الخشني، ومرة أخرى عن عقبة بن يريم عن أبي ثعلبة، وهذا الحديث بإثبات سماع عروة من أبي ثعلبة، وبإثبات الواسطة بينهما حديث واحد في هديه - صلى الله عليه وسلم - في القدوم من السفر: مداره على أبي فروة يزيد بن سنان الرهاوي، وهو: ضعيف، لا يتابع على حديثه، ولا تقوم به الحجة في ثبوت الخبر، فضلًا عن إثبات السماع، قال أبو نعيم في الحلية:"غريب من حديث عروة، تفرد به عنه: أبو فروة" [أخرجه بحشل في تاريخ واسط (٥٥)، والعقيلي في الضعفاء (٣/ ٣٥١)، والطبراني في الكبير (٢٢/ ٥٩٥/٢٢٥ و ٥٩٦)، وفي مسند الشاميين (٥٢٣)، والحاكم (١/ ٤٨٨)(٢/ ٤٥٦/ ١٨١٧ - ط. الميمان) و (٣/ ١٥٥)(٦/ ١٩٩/ ٤٧٩٠ - ط. الميمان)، وأبو نعيم في الحلية (٢/ ٣٠) و (٦/ ١٢٤)، وابن عساكر في تاريخ دمشق (٤٠/ ٢٣٠ و ٥٣٧)، انظر: الإتحاف (١٤/ ٤٢/ ١٧٤١١)]، لذا فقد جزم محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي بعدم السماع، فقال:"عروة بن رويم: لم يسمع من أبي ثعلبة الخشني" [تاريخ دمشق (٤٠/ ٢٣١)]، وجزم أيضًا أبو حاتم بإرساله وعدم سماعه منه، فقال:"عروة بن رويم اللخمي: روى عن أبي ثعلبة الخشني؛ مرسل"، لكنه أثبت له لقاء أنس وأبي كبشة الأنماري، قال ابن أبي حاتم:"سئل أبي عن عروة بن رويم؟ فقال: تابعي، عامة حديثه مراسيل، لقي أنسًا وأبا كبشة" [انظر: الجرح والتعديل (٦/ ٣٩٦)]، وقال الطبراني:"كان تابعيًا ثقة، سمع من أنس" [المعجم الأوسط (٤/ ٤٨/ ٣٥٧٧)]، وقال ابن عساكر:"قدم الجابية، وسمع بها أنس بن مالك يحدث الخليفة"، قلت: سماعه من أنس شاذ، والصحيح إثبات الواسطة، لاسيما مع اتحاد المخرج في نفس الواقعة والحديث، وروايته عن أبي كبشة بالعنعنة، لا يذكر سماعًا، ولم يخرج له البخاري ومسلم شيئًا [انظر: المراسيل (٥٤٥)، تحفة التحصيل (٢٢٥)]، كذلك؛ فإنه لم يدرك أبا أمامة مع تأخر وفاته، فقد توفي أبو أمامة سنة (٨٦)، وهو يدخل بينهما القاسم بن عبد الرحمن.