• وقد احتج بعضهم على صحة حديث صلاة التسبيح بتعليم ابن المبارك لها:
فقد روى أحمد بن عبدة الآملي [صدوق]، وعبد الكريم بن عبد الله السكري [هو: عبد الكريم بن أبي عبد الكريم المروزي، روى عنه جماعة، وأكثر عنه يحيى بن ساسويه المروزي، وقال بعضهم: عبد الكريم بن عبد الكريم التاجر، قال أبو حاتم: "لا أعرفه، وحديثه يدل على الكذب"، وليس هو البجلي الذي ترجم له ابن حبان في ثقاته؛ فإنه أكبر من صاحب الترجمة. انظر: المجروحين (١/ ٢٣٦)، الجرح والتعديل (٦/ ٦٢)، الثقات (٨/ ٤٢٣)، تاريخ جرجان (٢٤١)، اللسان (٥/ ٢٣٩)]:
ثنا أبو وهب محمد بن مزاحم [صدوق]، قال: سألت عبد الله بن المبارك، عن الصلاة التي يسبح فيها، فقال: تكبر ثم تقول: ... فذكر صفة صلاة التسبيح، لكن خالف الروايات المشهورة بتقديم التسبيح على القراءة خمس عشرة مرة، ثم يسبح قبل الركوع عشرًا، ولا يسبح بعد السجدة الثانية.
أخرجه الترمذي (٤٨١ م)، والحاكم (١/ ٣٢٠) (٢/ ١٠٠/ ١٢١٢ - ط. الميمان)، والبيهقي في الشعب (١/ ٤٢٨/ ٦١١)، وابن حجر في أمالي الأذكار (٢٤)، وفي نتائج الأفكار (٥/ ١٥٨).
قال الحاكم: "رواة هذا الحديث عن ابن المبارك كلهم ثقات أثبات، ولا يتهم عبد الله أن يعلمه ما لم يصح عنده سنده".
قال ابن ناصر الدين في الترجيح (٦٦) بأنه لم يجد هذه الصفة التي ذكرها ابن المبارك إلا فيما رواه محمد بن فضيل عن أبان بن أبي عياش عن أبي الجوزاء عن ابن عمرو.
قلت: الصفة التي اختارها ابن المبارك رويت بأسانيد غاية في الضعف، ولم ترد هذه الصفة بالأسانيد المشهورة، لذا قال ابن مفلح في الفروع (٢/ ٤٠٥): "ونص أحمد وأئمة أصحابه على كراهتها، ولم يستحبها إمام، واستحبها ابن المبارك على صفة لم يرد بها الخبر، لئلا تثبت سنة بخبر لا أصل له".
قلت: تعليم ابن المبارك لهذه الصلاة ليس بحجة على العباد؛ إنما الحجة بين العباد وبين الله هو رسوله - صلى الله عليه وسلم -؛ فما جاءنا عنه بإسناد صحيح ثابت محفوظ عملنا به، وإلا فما كلفنا باتباع غيره من غير بينة، قال الله تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} [الأعراف: ٣]، فالحجة في الكتاب وما صح من السنة النبوية، والله أعلم.
° ومن أقوال أهل العلم في حديث صلاة التسبيح:
قال عبد الله بن أحمد في مسائله لأبيه (٣١٥): "سمعت أبي يقول: لم تثبت عندي صلاة التسبيح، وقد اختلفوا في إسناده، لم يثبت عندي، وكأنه ضعَّف عمرو بن مالك النكري".
وقال ابن هانئ في مسائله لأحمد (٥٢٠): "سئل [يعني: أحمد بن حنبل] عن صلاة التسبيح؟ قال: إسناده ضعيف".
وقال إسحاق بن منصور الكوسج في مسائله لأحمد وإسحاق (٣٣٠٩): "قلت: صلاة