للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

غريباً من حديث يحيى، فضلاً عن كونه جادة مسلوكة، ولم يعين أحدًا ممن رواه على هذه الجادة، وقد أعرض عنه الأئمة، وأصحاب المصنفات الحديثية على اختلاف فنونها، فلا ينبغي أن يعارض بمثله حديث معمر، والله أعلم.

• بل إن حديث زيد بن سلام عن أبي سلام محفوظ من نفس الوجه الذي رواه معمر عن يحيى، متابعاً له في روايته عن أبي معانق عن أبي مالك الأشعري:

• فقد رواه معاوية بن سلام، عن زيد بن سلام: حدثني أبو سلام: حدثني أبو معانق الأشعري؛ أن أبا مالك الأشعري حدثه؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حدثه: "أن في الجنة غرفاً يُرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها، أعدها الله لمن أطعم الطعام، وأطاب الكلام، وتابع الصلاة والصيام، وقام بالليل والناس نيام".

أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير (٩/ ٣٠٧٧/ ١٧٤٠٨)، والطبراني في الكبير (٣/ ٣٠١/ ٣٤٦٧)، وفي مسند الشاميين (٤/ ١١٥/ ٢٨٧٣) [وسقط من إسناده: أبو سلام]. والخطيب في التاربخ (٨/ ٢٠٢).

وهذا إسناد صحيح إلى أبي معانق الأشعري.

وهذا الحديث في إسناده: أبو معانق عبد الله بن معانق الأشعري، روى عنه جماعة من ثقات التابعين، مثل: أبي سلام ممطور الحبشي، وبسر بن عبيد الله، وشهر بن حوشب، وروى عنه أيضًا: يحيى بن أبي كثير، وهو إمامٌ، كان لا يحدث إلا عن ثقة؛ كما قال أبو حاتم في الجرح (٩/ ١٤٢)، وقال العجلي: "شامي ثقة"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال: "يروي عن أبي مالك الأشعري، وما أُراه شافهه"، وقال ابن خزيمة: "إن صح الخبر؛ ... ولست أعرف ابن معانق، ولا أبا معانق الذي روى عنه يحيى بن أبي كثير"، وقال الدارقطني: "لا شيء، مجهول" [التاريخ الكبير (٥/ ١٩٤)، معرفة الثقات (٩٧٤)، الجرح والتعديل (٥/ ١٦٨)، العلل (١٤٢)، الثقات (٥/ ٣٦) و (٧/ ٥٢)، تاريخ دمشق (٣٣/ ٢٠٤)، التهذيب (٢/ ٤٣٦)].

قلت: أما الذهبي فقد تعقب الدارقطني في وصف أبي معانق بالجهالة، فقال في تاريخ الإسلام (٢/ ٩٦٢ - ط. الغرب): "أما الجهالة فمعدومة"؛ فأصاب في ذلك؛ وقد تجاهل ابنُ حجر قولَ الدارقطني وأعمل فيه توثيق العجلي، كما أن رواياته مستقيمة، فإن من روى عنه جماعةٌ فيهم يحيى بن أبي كثير الذي كان يضارَع بالزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري؛ فليس بمجهول، ولقد قال شعبة: "يحيى أحسن حديثًا من الزهري"، وقال أحمد: "يحيى من أثبت الناس، إنما يعدُّ مع الزهري ويحيى بن سعيد، وإذا خالفه الزهري؛ فالقول: قول يحيى" [الجرح والتعديل (٩/ ١٤١)، تاريخ أسماء الثقات (١٥٩٥)، تاريخ دمشق (٥٥/ ٣٥٦)، شرح علل الترمذي (١/ ١٦٧)، السير (٦/ ٢٨)، تاريخ الإسلام (٣/ ٥٥٧)، التهذيب (٤/ ٣٨٣)]، كما أن يحيى لم يكن يحدث إلا عن ثقة، ورواية جماعة من ثقات التابعين عن أبي معانق مما يقوي أمره، ولذلك فإن القول بتوثيقه هو الأقرب للصواب، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>