* وروى الزُّهري، عن عروة بن الزُّبَير؛ أن عائشة قالت: كان النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة، فإذا طلع الفجر صلى ركعتين خفيفتين، ثم اضطجع على شقه الأيمن، حتى يجيء المؤذن فيؤذنه [رواية معمر، عند البخاري (٦٣١٠)].
وفي رواية عمرو بن الحارث [عند مسلم]: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء - وهي التي يدعو الناس العتمة - إلى الفجر إحدى عشرة ركعة، يسلم بين كل ركعتين، ويوتر بواحدة، فإذا سكت المؤذن من صلاة الفجر، وتبين له الفجر، وجاءه المؤذن، قام فركع ركعتين خفيفتين، ثم اضطجع على شقه الأيمن، حتى يأتيه المؤذن للإقامة.
وفي رواية ابن أبي ذئب [عند أحمد (٦/ ٧٤ و ١٤٣ و ٢١٥)، والدارمي، وبنحوه لفظ شعيب عند البخاري (٩٩٤ و ١١٢٣)، ولفظ يونس عند أحمد (٦/ ٢٤٨)، ولفظ الأوزاعي عند أحمد (٦/ ٨٣)، وابن حبان (٢٤٣١)]: كان النبي يصلي ما بين صلاة العشاء الآخرة إلى الفجر إحدى عشرة ركعة، يسلم في كل اثنتين، ويوتر بواحدة، ويسجد في سبحته [وفي رواية: ويمكث في سجوده، بقدر ما يقرأ أحدكم بخمسين آية قبل أن يرفع رأسه، فإذا سكت المؤذن بالأولى من أذانه، قام فركع ركعتين خفيفتين، ثم اضطجع على شقه الأيمن، حتى يأتيه المؤذن فيخرج معه. [تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (١٢٦٣)].
* وهذا موافق لما رواه: مسلم، عن مسروق، عن عائشة، قالت: مِن كلِّ الليل قد أوتر رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -، فانتهى وتره إلى السحر.
* وكذلك ما رواه: يحيى بن وثاب، عن مسروق، عن عائشة، قالت: من كل الليل قد أوتر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، من أول الليل، وأوسطه، وآخره، فانتهى وتره إلى السحر.
أخرجه مسلم (٧٤٥)، ويأتي تخريجه في السنن برقم (١٤٣٥)، إن شاء الله تعالى.
وطريق الجمع بين هاتين الطائفتين من الأحاديث: أن تحمل هذه الأحاديث على اختلاف أحوال النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقد كان أحيانًا يوتر ثم ينام وقت السحر [كما دل عليه حديث أبي سلمة عن عائشة، وحديث ابن عباس، وحديث ابن عمرو من قوله - صلى الله عليه وسلم - في صلاة داود]، وأحيانًا يصل صلاته بالليل بركعتي الفجر ثم يضطجع بعدها [كما دل عليه حديث عروة وأبي سلمة عن عائشة، وحديث مسروق عن عائشة]، وحديث مسروق يزيل الإشكال حيث أخبرت فيه عائشة أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قد أوتر من كل الليل، فأوتر أحيانًا في أول الليل، وأوتر في أوسطه، وأوتر في آخره، لكن كان آخر أمره - صلى الله عليه وسلم - في صلاته بالليل قبل وفاته - صلى الله عليه وسلم - الوتر وقت السحر، فقالت: فانتهى وتره إلى السحر، فلا تعارض فيما نقلته عائشة عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإنما كانت تحكي بعض أحواله، وقد أخبرت أبا سلمة بالحالين معًا، لكن في وقتين متفرقين، وحديثين مستقلين، ثم جمعتهما معًا لمسروق في حديث واحد، وعليه فحديث مسروق عنها قاضبى على حديث غيره، في انتهاء وتره - صلى الله عليه وسلم - إلى السحر؛ يعني: في آخر عمره - صلى الله عليه وسلم -، واللّه أعلم.