للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولفظ القعنبي بتمامه [عند النسائي]: عن سعيد بن جبير؛ أن ابن عباس حدثه؛ أن أباه عباس بن عبد المطلب بعثه في حاجة له إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكانت ميمونة بنت الحارث خالة ابن عباس، فدخل عليها فوجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد، قال ابن عباس: فاضطجعت في حجرتها، وجعلت في نفسي أحصي كم يصلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: فجاء وأنا مضطجع في الحجرة بعدما ذهب الليل، فقال: "أرقد الوليد؟ "، فتناول ملحفةً على ميمونة، قال: فارتدى ببعضها وعليها بعض، ثم قام فصلى ركعتين ركعتين، حتى صلى ثماني ركعات، ثم أوتر بخمس لم يجلس بينهنَّ، ثم قعد فأثنى على الله بما هو له أهل، ثم أكثر من الثناء، وكان في آخر كلامه أن قال: "اللَّهُمَّ اجعل لى نورًا في قلبي، واجعل لى نورأ فبم سمعي، واجعل لى نورًا في بصري، واجعل لى نورًا عن يميني، ونورًا عن شمالي، واجعل لى نورًا بين يدي، ونورًا من خلفي، وزدني نورًا".

وقد اقتصر منه البخاري على آخره فقط دون عدد الركعات وهيئتها، والتي وقع فيها الوهم، فقال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا قام من الليل فصلى فقضى صلاته يثني على الله بما هو أهله، ثم يكون من آخر كلامه: "اللُّهُمَّ اجعل لى نورًا في قلبي، واجعل لى نورًا في سمعي، واجعل لى نورًا في بصري، واجعل لى نورًا عن يميني، ونورًا عن شمالي، واجعل لى نورًا من بين يدي، ونورًا من خلفي، وزدني نورًا، وزدني نورًا، وزدني نورًا".

وذلك بخلاف حديث الثوري عن سلمة بن كهيل حيث ساقه قبله بتمامه (٦٩٥)، وفيه عدد الركعات: "فتتامت صلاته من الليل ثلاث عشرة ركعة"، وقد أخرجه في الصحيح (٦٣١٦).

قال ابن عبد البر في التمهيد (١٣/ ٢١٧): "وقد روى الدراوردي هذا الحديث عن عبد الحميد [كذا] عن يحيى بن عباد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس بألفاظ خلاف مذهب أهل المدينة، وذكر فيه: أنه أوتر بخمس لم يجلس بينهن، ورواه الحكم بن عتيبة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، ولم يذكر ذلك، وروايته أولى".

قلت: يحيى بن عبَّاد؛ هو: ابن شيبان الأنصاري، أبو هبيرة الكوفي: تابعي ثقة.

وعبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمن بن عوف الزهري: مدني ثقة، عزيز الحديث [التهذيب (٢/ ٦٠٥)].

وأظن الوهم فيه من عبد العزيز بن محمد الدراوردي؛ فقد كان صدوقًا، سيئ الحفظ، يخطئ إذا حدث من حفظه، وكان كتابه صحيحًا؛ إلا أنه كان يحدث من كتب الناس فيخطئ أيضًا [انظر: التهذيب (٢/ ٥٩٢) وغيره].

ولا أستبعد أن يكون البخاري قد حذف هذه الفقرة عمدًا -وإن كان لا يشترط الصحة في كتابه الأدب المفرد-؛ لأجل مخالفة الدراوردي، وقوله في الحديث: "ثم أوتر بخمس لم يجلس بينهنَّ"، كما سبق أن أشرت إلى ذلك قبل قليل، كما رجح ابن عبد البر رواية شعبة عن الحكم بن عتيبة على هذه الرواية، وقد روي حديث يحيى بن عباد هذا من طرق أخرى فيها ضعف، وبدون هذه الزيادة أيضًا:

<<  <  ج: ص:  >  >>