للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويكون المعنى: أنه لا يمل ولا يقطع عنكم الثواب حتى تملوا وتنقطعوا أنتم عن العمل، فماذا انقطع العمل انقطع الثواب، وأن الخبر إنما جاء للتحريض على العمل والحث عليه وإن قلَّ.

وهذا إنما هو من باب المقابلة, كما جاء في نصوص كثيرة جداً، مثل قوله تعالى: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (٣٠)} [الأنفال: ٣٠]، وقوله تعالى: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (١٤) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١٥)} [البقرة:١٤]، وقوله تعالى: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (١٥) وَأَكِيدُ كَيْدًا (١٦)} [الطارق: ١٥, ١٦]، وغيرها، والله أعلم.

قال ابن رجب في الفتح (١/ ١٥٢): "وسمي هذا المنع من الله مللاً وسآمةً مقابلة للعبد على ملله وسآمته، كما قال تعالى {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} [التوبة: ٦٧]، فسمى إهمالهم وتركهم نسيانًا مقابلةً لنسيانهم له، هذا أظهر ما قيل في هذا.

ويشهد له: أنه قد روي من حديث عائشة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "اكلفوا من العمل ما ثطيقون؛ فإن الله لا يمل من الثواب حتى تملوا من العمل". خرجه بقي بن مخلد؛ وفي إسناده: موسى بن عبيدة"، ثم ذكر أقوالاً أخرى [وانظر: مجموع فتاوى ابن عثيمين (١/ ١٧٤)].

***

١٣٦٩ - قال أبو داود: حدثنا عبيد الله بن سعد: حدثنا عمي: حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث إلى عثمان بن مظعون فجاءه، فقال: "يا عثمانُ! أرغبتَ عن سُنَّتي"، قال: لا والله! يا رسول الله! ولكن سُنَّتَك أطلبُ، قال: "فإني أنام وأُصلي، وأَصوم وأُفطِر، وأَنكِحُ النساء، فاتق الله يا عثمان، فإن لأهلك عليك حقاً، وإن لضيفك عليك حقاً، وإن لنفسك عليك حقاً، فصُمْ وأَفطِر، وصلِّ ونمْ".

حديث جيد

أخرجه من طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد؛ وهو عم عبيد الله بن سعد، عن إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق به: أحمد (٦/ ٢٦٨) (١٢/ ٦٣٤٥/ ٢٦٩٤٩ - ط المكنز)، وابن أبي الدنيا في النفقة على العيال (٤٩٣)، والبزار (١٨/ ١٠٧/ ٤٩) [التحفة (١١/ ٥٨٠/ ١٧١٨٣)، أطراف المسند (٩/ ١٧٢/ ١١٩٢٣)، الإتحاف (١٧/ ٣٨٤ - حاشية رقم ١٠)، المسند المصنف (٣٨/ ١٧٠/ ١٨٢٣٤)].

ولفظه عند أحمد وابن أبي الدنيا والبزار بتمامه: ابن إسحاق، قال: حدثني هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، قالت: دخلت عليَّ خولة [وفي مسند أحمد: خويلة] بنت حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص السلمية وكانت عند عثمان بن مظعون،

<<  <  ج: ص:  >  >>