قالت: فرأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذاذة هيئتها، فقال لي:"يا عائشة! ما أبذَّ هيئة خولة؟ "[وفي مسند أحمد: خويلة]، قالت: فقلت: يا رسول الله! امرأة لا زوج لها؛ يصوم النهار، ويقوم الليل، فهي كمن لا زوج لها، فتركت نفسها وأضاعتها، قالت: فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عثمان بن مظعون، فجاءه، فقال:"يا عثمان! أرغبةً عن سنتي؟ "، قال: فقال: لا والله يا رسول الله، ولكن سنتك أطلب، قال:"فإني أنام وأصلي، وأصوم وأفطر، وأنكح النساء، فاتق الله يا عثمان، فإن لأهلك عليك حقاً، وإن لضيفك عليك حقاً، وإن لنفسك عليك حقاً، فصم وأفطر، وصلِّ ونم".
وفي رواية البزار:"فإن لأهلك عليك حقاً، وإن لعيتك عليك حقاً، وإن لنفسك عليك حقاً".
قال البزار:"وهذا الحديث لا نعلم رواه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة - رضي الله عنهما -؛ إلا ابن إسحاق، ولا نعلمه يروى عن عائشة - رضي الله عنهما - من غير هذا الوجه".
• هكذا رواه إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق:
وخالفه: يونس بن بكير، قال: حدثني ابن إسحاق، قال: حدثني الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن سعد بن أبي وقاص، قال: لما كان من أمر عثمان بن مظعون الذي كان من ترك النساء، بعث إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال:"يا عثمان! إني لم أومر بالرهبانية، أرغبت عغ سنتي؟! "، قال: لا، يا رسول الله، قال:"إن من سنتي أن أصلي وأنام، وأصوم وأطعم، وأنكح وأطلق، فمن رغب عن سنتي فليس مني، يا عثمان إن لأهلك عليك حقاً، ولعينيك عليك حقاً".
قال سعد: فوالله لقد كان أجمع رجال من المسلمين على أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن هو أقر عثمان على ما هو عليه أن نختصي فنتبتل.
قلت: وهذه الرواية وهم؛ ولعله دخل ليونس بن بكير حديث في حديث، أما ابن إسحاق: فيرويه من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، وأما الزهري: فيرويه عن عروة عن عائشة، وقيل: مرسلاً، وأما الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن سعد بن أبي وقاص: فإنما هو حديث: ردَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عثمان بن مظعون التبتلَ، ولو أحلَّه له لاختصينا.
ويونس بن بكير: كوفي، صدوق، تكلم الناس فيه، صاحب غرائب، وقد ضعفه بعضهم مثل النسائي "التهذيب (٤/ ٤٦٦)، الكامل (٧/ ١٧٨)، الميزان (٤/ ٤٧٧)، التقريب (٦٨٦)].
والوجه الأول عن ابن إسحاق هو المحفوظ عنه: فإن إبراهيم بن سعد: ثقة حجة، وهو أثبت الناس في ابن إسحاق، والقول قوله.