قطعه عن غيره، ولا سيما حقوق الغير التي تتعلق به، فيكون عبادته أو عمله الداخل فيه قاطعًا عما كلفه الله به، فيقصر فيه، فيكون بذلك ملومًا غيرَ معذور؛ إذ المراد منه القيام بجميعها على وجه لا يخل بواحدة منها، ولا بحال من أحواله فيها".
وقال ابن حجر في الفتح (٣/ ٣٢): "وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "صدق سلمان"، أي في جميع ما ذكر، وفيه منقبة ظاهرة لسلمان".
وقال أيضًا: "وفي هذا الحديث من الفوائد: مشروعية المؤاخاة في الله، وزيارة الإخوان والمبيت عندهم، وجواز مخاطبة الأجنبية والسؤال عما يترتب عليه المصلحة، وإن كان في الظاهر لا يتعلق بالسائل، وفيه النصح للمسلم، وتنبيه من أغفل، وفيه فضل قيام آخر الليل، وفيه مشروعية تزين المرأة لزوجها، وثبوت حق المرأة على الزوج في حسن العشرة، وقد يؤخذ منه ثبوت حقها في الوطء؛ لقوله: ولأهلك عليك حقًا، ثم قال: وائت أهلك، وقرره النبي -صلى الله عليه وسلم- على ذلك، وفيه جواز النهي عن المستحبات إذا خشي أن ذلك يفضي إلى السآمة والملل وتفويت الحقوق المطلوبة الواجبة أو المندوبة الراجح فعلها على فعل المستحب المذكور، وإنما الوعيد الوارد على من نهى مصليًا عن الصلاة: مخصوص بمن نهاه ظلمًا وعدوانًا، وفيه كراهية الحمل على النفس في العبادة، وفيه جواز الفطر من صوم التطوع؛ كما ترجم له المصنف، وهو قول الجمهور، ولم يجعلوا عليه قضاء إلا أنه يستحب له ذلك؛ ... ".
* * *
١٣٧٠ - . . . جرير، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، قال: سألت عائشة: كيف كان عمل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ هل كان يخص شيئًا من الأيام؟ قالت: لا، [كان] كلُّ عمله دِيمةٌ، وأيُّكم يستطيع ما كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستطيع.
* حديث متفق على صحته
أخرجه البخاري (٦٤٦٦)، ومسلم (٧٨٣/ ٢١٧)، وأبو نعيم في مستخرجه على مسلم (٢/ ٣٧٤/ ١٧٧٨)، والنسائي في الرقائق من الكبرى (١١/ ٦٤٠/ ١٧٤٠٦ - التحفة)، وابن خزيمة (٢/ ٢٦٣/ ١٢٨١)، وابن حبان (٢/ ٢٦/ ٣٢٢) و (٨/ ٤٠٨/ ٣٦٤٧)، وأحمد في المسند (٦/ ٤٣)، وفي الزهد (٤)، وإسحاق بن راهويه (٢/ ١٧٠/ ١٥٧١ - ط التأصيل)، وأبو العباس السراج في حديثه بانتقاء الشحامي (١٩٣٥)، والبيهقي في الدلائل (١/ ٣٥٥)، والبغوي في شرح السُّنَّة (٤/ ٥٤/ ٩٣٨)، وفي الشمائل (٦٨٩). [التحفة (١١/ ٦٤٠/ ١٧٤٠٦)، الإتحاف (١٧/ ٤٢٢/ ٢٢٥٥٣)، المسند المصنف (٣٩/ ٤٧٩/ ١٩٠٠٣)].
رواه عن جرير بن عبد الحميد: أحمد بن حنبل، وعثمان ابن أبي شيبة، وزهير بن حرب، وإسحاق بن إبراهيم ابن راهويه، وأبو عمار الحسين بن حريث، ويعقوب بن