لإقامة ذكر الله مما ذكر في كتابه، فأراها في السبع الأواخر من شهر رمضان، والله أعلم، فتعجب عمر وقال: ما وافقني فيها أحد عن رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - إلا هذا الغلام الذي لم تستو شؤون رأسه، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "التمسوها في العشر الأواخر"، ثم قال: يا هؤلاء من يؤديني في هذا كأداء ابن عباس؟.
أخرجه أبو القاسم الحرفي في الأمالي (٧٦)، وأبو نعيم في الحلية (١/ ٣١٧)، وأبو اليمن ابن عساكر في أحاديث شهر رمضان (٢٧).
قلت: وهذا موضوع بهذا الإسناد؛ محمد بن يونس الكديمي: كذاب، يضع الحديث.
• والحاصل: فإن قصة عمر بن الخطاب في جمعه الأشياخ من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وسؤالهم عن ليلة القدر؟ وإحضار ابن عباس لسؤاله عن رأيه في ذلك، وإجابة ابن عباس بأنها: سابعة تمضي، أو سابعة تبقى من العشر الأواخر؛ كما أنها اشتملت على حديث عمر مرفوعًا: "التمسوها في العشر الأواخر وترًا"، وإجماع الحاضرين من أشياخ الصحابة على ذلك: هو حديث صحيح، تعددت طرقه ومخارجه إلى ابن عباس.
فهل يُعارض به حديث أيوب عن عكرمة عن ابن عباس المرفوع، وحديث عاصم الأحول عن أبي مجلز وعكرمة عن ابن عباس المرفوع؟
فالجواب: لا معارضة بينهما؛ فإن ابن عباس إنما سأله عمر عن رأيه، ولم يسأله عن علمه في ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حيث إنه دلل برأيه على صحة كونها أرجى ما تكون في السابعة، لأجل تكرر ذكر السبع في موارد الشرع.
ثم إن الذي أوقفه من حديث عكرمة: معمر بن راشد، وقد علمت حاله في قتادة وعاصم، وأهل العراق عمومًا، بينما رفعه عن عاصم: عبد الواحد بن زياد، وهو: بصري ثقة، وأهل البلد أعلم بحديث أهلها من الغرباء، لا سيما من تُكلم فيهم مثل معمر حيث كان يستضعف في حديثه عن أهل العراق.
كما أن عبد الواحد هو ممن روى الحديثين جميعًا عن ابن عباس مرفوعًا وموقوفًا، مما يعني أنه قد ضبط الرواية وفصل بين الحديثين.
وقد تابع عاصمًا الأحول على رواية الرفع: أيوب السختياني، أحد حفاظ وأعيان أهل البصرة، وهو: ثقة ثبت حافظ حجة، حتى قال فيه ابن مهدي: "أيوب حجة أهل البصرة"، وقد قدمه بعضهم على إمام المتثبتين مالك بن أنس [التهذيب (١/ ٢٠٠)].
كذلك فإن رواية أبي الأحوص عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس المرفوعة تؤيد رواية من رفعوه، وبذلك يظهر جليًا: أن لا اعتراض على البخاري في إخراج حديث: أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "االتمسوها في العشر الأواخر من رمضان، ليلة القدر في تاسعة تبقى، في سابعة تبقى، في خامسة تبقى".
ولا في إخراج حديث: عبد الواحد بن زياد: حدثنا عاصم الأحول، عن أبي مجلز،