وقال في رواية حنبل:"ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، وحديث ابن عمر أصحها، والرواية في ليلة القدر صحيحة: أنها في كل سنة في شهر رمضان في العشر الأواخر، واختلف في ذلك: قالوا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "في سبع بَقِين"، وقالوا: "في ثلاث بَقِين"، فهي في العشر في وترٍ من الليالي، لا يخطئ ذلك إن شاء الله، كذا روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اطلبوها في العشر الأواخر، لثلاث بَقِين، أو سبع بَقِين، أو تسع تَبقَى"، فهي في العشرة الأواخر" [زاد المسافر (٢/ ٣٦٠/ ١٠٩٥)].
وقد ذهب البخاري إلى أنها غير معلومة، وأنها في الوتر من العشر الأواخر، فقال:"باب تحري ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر"، ثم احتج بحديث عائشة وأبي سعيد وابن عباس وعبادة بن الصامت، وكان قد بوب قبله:"باب التماس ليلة القدر في السبع الأواخر"، واحتج فيه بحديث ابن عمر وأبي سعيد.
وأما مسلم فإنه افتتح أحاديث ليلة القدر بحديث ابن عمر في السبع الأواخر، وأخرجه من سبعة طرق، ثم أتبعه بحديث أبي هريرة في العشر الأواخر، ثم حديث أبي سلمة عن أبي سعيد في التماسها في الوتر من العشر الأواخر، وأنها وقعت في تلك السنة في ليلة إحدى وعشرين، وأخرجه من أربعة طرق، ثم حديث أبي نضرة عن أبي سعيد في التماسها في العشر الأواخر في التاسعة والسابعة والخامسة، ثم حديث عبد الله بن أنيس في نفس واقعة أبي سعيد [في ليلة ثلاث وعشرين، والصواب: أنها ليلة إحدى وعشرين]، ثم حديث أبي بن كعب في علامتها، وأن أبياً كان يرى أنها في ليلة سبع وعشرين، ثم حديث أبي حازم عن أبي هريرة في مثل شق جفنة، وهي علامتها في السبع الأواخر.
وقال الترمذي في الجامع (٧٩٢): "وأكثر الروايات عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "التمسوها في العشر الأواخر في كل وتر"، وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ليلة القدر: أنها ليلة إحدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين، وخمس وعشرين، وسبع وعشرين، وتسع وعشرين، وآخر ليلة من رمضان، قال الشافعي: كأن هذا عندي -والله أعلم- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجيب على نحو ما يسأل عنه، يقال له: نلتمسها في ليلة كذا؟ فيقول: "التمسوها في ليلة كذا"، قال الشافعي: وأقوى الروايات عندي فيها ليلة إحدى وعشرين.
وقد روي عن أبي بن كعب؛ أنه كان يحلف أنها ليلة سبع وعشرين، ويقول: أخبرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعلامتها فعددنا وحفظنا، وروي عن أبي قلابة أنه قال: ليلة القدر تنتقل في العشر الأواخر، حدثنا بذلك عبد بن حميد، قال: أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن أبي قلابة بهذا".
قلت: أثر أبي قلابة في مصنف عبد الرزاق (٤/ ٢٥٢/ ٧٦٩٩)(٤/ ٧٦/ ٧٨٣٥ - ط التأصيل)، وزاد في آخره: في وتر.
ورواه عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، عن أيوب، عن أبي قلابة، قال: ليلة القدر تجول في ليالي العشر كلها.