لو نفلتنا بقية ليلتنا هذه؟ فقال: "إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف حسب له بقية ليلته"، ثم لم يقم بنا [ليلة] السادسة، وقام بنا [ليلة] السابعة، وقال: وبعث إلى أهله [ونسائه]، واجتمع الناس، فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح، قال: قلت: وما الفلاح؟ قال: السحور.
وهو حديث صحيح، تقدم برقم (١٣٧٥)، وانظر طرقه وألفاظه هناك.
٢٨ - وله شاهد من حديث النعمان بن بشير:
رواه زيد بن الحباب، وعبد الله بن وهب، وعبد الله بن صالح: عن معاوية بن صالح، قال: حدثني نعيم بن زياد أبو طلحة [الأنماري]، قال: سمعت النعمان بن بشير على منبر حمص، يقول: قمنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شهر رمضان ليلةَ ثلاثٍ وعشرين إلى ثلث الليل الأول، ثم قمنا معه ليلةَ خمسٍ وعشرين إلى نصف الليل، ثم قمنا معه ليلةَ سبعٍ وعشرين حتى ظننا أن لا ندرك الفلاح، وكانوا يسمونه السحور.
وهو حديث جيد، تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (١٣٧٥).
• قلت: قد دلت أحاديث الباب بمجموعها على انحصار ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، ومن أقوى الأدلة على عدم خروجها من العشر الأواخر: حديث أبي سعيد الخدري المتفق عليه، ففي رواية همام بن يحيى [عند البخاري (٨١٣)]: اعتكف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشر الأول من رمضان واعتكفنا معه، فأتاه جبريل، فقال: "إن الذي تطلُبُ أمامَك"، فاعتكف العشر الأوسط، فاعتكفنا معه، فأتاه جبريل فقال: "إن الذي تطلُبُ أمامَك"، فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - خطيبًا صبيحة عشرين من رمضان، فقال: "من كان اعتكف مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فليرجع، فإني أُريتُ ليلة القدر، وإني نُسِّيتُها، وإنها في العشر الأواخر، في وترٍ" ... الحديث.
ثم جاءت الأحاديث الأخرى التي تقيد هذه العشر وتخصص ليالي الوتر منها، مثل: حديث أبي سعيد الخدري: "فالتمسوها في العشر الأواخر، والتمسوها في كل وتر" [البخاري (٢٠١٨ و ٢٠٢٧)، ومسلم (١١٦٧/ ٢١٣ و ٢١٤)، وتقدم تخريجه في فضل الرحيم الودود (٩/ ٥٣٩/ ٨٩٥)، وتقدم أيضًا برقم (١٣٨٢)].
ومثل حديث عائشة: "تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان" [البخاري (٢٠١٧)، وتقدم تخريجه تحت الحديث رقم (١٣٨٣)].
ومثل حديث أبي بكرة: "التمسوها في العشر الأواخر، في الوتر منه" [وهو حديث صحيح، تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (١٣٨٣)].
ومثل حديث عمر: "من كان منكم ملتمسًا ليلة القدر، فليلتمسها في العشر الأواخر وتراً؛ من رمضان" [وهو حديث جيد، تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (١٣٨١)].
ومثل حديث الفلتان بن عاصم: "إني رأيت ليلة القدر فأُنسيتُها، فاطلبوها في العشر الأواخر وترًا" [وهو حديث جيد، تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (١٣٨٣)].