وعبيد بن عقيل، وإنما وقع السؤال عندهم لأصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن تحزيبهم للقرآن، ليس مرفوعًا، قالوا: فسألنا أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين أصبحنا، قلنا: كيف تحزبون القرآن؟.
واحتمال الرفع فيه قائم؛ إذ إن سؤال السائل لم يقع إلا ليستفهم به كيفية التحزيب الذي نبههم عليها النبي -صلى الله عليه وسلم-، وعليه: فإن قولهم للصحابة: كيف تحزبون القرآن؟ يعني: أنتم مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أو: كيف علمكم النبي -صلى الله عليه وسلم- التحزيب؟ أو: كيف أخذتم التحزيب عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن السائل في حقيقة الأمر أراد أن يستفهم عن تحزيب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للقرآن؛ لما صدر منه بالأمس، فأحال الاستفهام على حال الصحابة المتابعين له في جميع أحواله التعبدية، ويفسر ذلك رواية معتمر بن سليمان الآتية، ففيها: فلما أصبحتُ سألتُ أصحابَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما الحزب؟ قالوا: نحزب القرآن ... الحديث، وقوله: ما الحزب؟ يعني: الحزب الذي ذكره النبي -صلى الله عليه وسلم- بالأمس وشغله عنا، فاللام هنا للعهد، والله أعلم.
والحاصل: فإن قول جماعة الثقات الحفاظ: فسألنا أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين أصبحنا، قلنا: كيف تحزبون القرآن؟؛ له حكم الرفع، وقد صرح بذلك وكيع، وهو ظاهر رواية عيسى بن يونس، وتدل عليه رواية المعتمر، والله أعلم.
وقد اختلف في إسناد هذا الحديث على عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي:
١ - فرواه أبو داود الطيالسي، ووكيع بن الجراح، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبو نعيم الفضل بن دكين [واختلف عليه]، وعيسى بن يونس، وأبو عامر عبد الملك بن عمرو العقدي، وأبو أحمد محمد بن عبد الله الأسدي الزبيري، ومروان بن معاوية [واختلف عليه]، وقُرَّانُ بن تمام، وأبو خالد الأحمر سليمان بن حيان، وعبيد بن عقيل:
عن عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى الطائفي، قال: حدثنا عثمان بن عبد الله بن أوس بن حذيفة الثقفي، عن جده أوس بن حذيفة، قال: قدمنا وفد ثقيف ... الحديث.
٢ - ورواه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول (٣/ ٢١٣/ ٩٥٣)، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، قال: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى بن كعب الثقفي، قال: حدثنا عثمان بن عبد الله بن أوس، عن أبيه، عن جده، قال: ... فذكر الحديث مختصرًا.
قلت: وهذا وهم؛ الحكيم الترمذي محمد بن علي بن الحسن بن بشر: تكلم فيه ابن العديم صاحب تاريخ حلب، وكان مما قال فيه:"لم يكن من أهل الحديث وروايته، ولا علمَ له بطرقه ولا صناعته"، وهو صاحب كتاب "ختم الولاية" الذي كفره بعضهم بسببه، قال بعضهم:"أخرجوا الحكيم من ترمذ، وشهدوا عليه بالكفر" [السير (١٣/ ٤٣٩)، تاريخ الإسلام (٦/ ٨١٤ - ط الغرب)، اللسان (٧/ ٣٨٨)]، وأبوه علي بن الحسن بن بشر الترمذي: مجهول.