للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا كما قال ابن الصلاح في شرح مشكل الوسيط (٢/ ٢٢٢): "والفصل في الثلاث وما وراءها من الأعداد أقوى إسنادًا وأثبت، ومن أدلته: حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- المتفق على صحته، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا رأيت الصبح يدركك فأوتر بواحدة ومنها: حديث الزهري عن عروة عن عائشة، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة يسلم من كل ركعتين ويوتر بواحدة، أخرجه مسلم في صحيحه، والله أعلم".

وقال ابن نصر أيضًا (٢٩١ - مختصر الوتر): "فالعمل عندنا بهذه الأخبار كلها جائز، وإنما اختلفت لأن الصلاة بالليل تطوع، الوتر وغير الوتر، فكان النبي -صلى الله عليه وسلم- تختلف صلاته بالليل ووتره على ما ذكرنا، يصلي أحياناً هكذا وأحيانًا هكذا، فكل ذلك جائز حسن، فأما الوتر بثلاث ركعات: فإنا لم نجد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- خبراً ثابتاً مفسرًا أنه أوتر بثلاث لم يسلم إلا في آخرهن، كلما وجدنا في الخمس والسبع والتسع، غير أنا وجدنا عنه أخباراً أنه أوتر بثلاث لا ذكر للتسليم فيها".

وقال أيضًا (٢٩٥ - مختصر الوتر): "فالأمر عندنا أن الوتر: بواحدة، وبثلاث، وبخمس، وسبع، وتسع، كل ذلك جائز حسن، على ما روينا من الأخبار عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه من بعده، والذي نختار ما وصفنا من قبل، قال: "فإن صلى رجل العشاء الآخرة، ثم أراد أن يوتر بعدها بركعة واحدة لا يصلي قبلها شيئًا، فالذي نختاره له ونستحبه أن يقدم قبلها ركعتين أو أكثر، ثم يوتر بواحدة، فإن هو لم يفعل وأوتر بواحدة جاز ذلك".

وقد أطال ابن نصر في الرد على أبي حنيفة وأصحابه في مسائل الوتر، وأسهب في الرد في آخر كتاب الوتر (٢٩٦ - مختصره)، وكان في أول ما قال: "وزعم النعمان أن الوتر بثلاث ركعات، لا يجوز أن يزاد على ذلك ولا ينقص منه، فمن أوتر بواحدة فوتره فاسد، والواجب عليه أن يعيد الوتر فيوتر بثلاث لا يسلم إلا في آخرهن، فإن سلم في الركعتين بطل وتره، وزعم أنه ليس للمسافر أن يوتر على دابته، لأن الوتر عنده فريضة، وزعم أنه من نسي الوتر فذكره في صلاة الغداة بطلت صلاته، وعليه أن يخرج منها فيوتر، ثم يستانف الصلاة، وقوله هذا خلاف للأخبار الثابتة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، وخلاف لما أجمع عليه أهل العلم، وإنما أتي من قلة معرفته بالأخبار، وقلة مجالسته للعلماء"، ... إلى آخر ما قال.

وقال ابن خزيمة في الصحيح (٢/ ١٩٣): "نأخذ بالأخبار كلها التي أخرجناها في كتاب الكبير، في عدد صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- بالليل، واختلاف الرواة في عددها كاختلافهم في هذه الأخبار التي ذكرتها في هذا الكتاب، قد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي في بعض الليالي أكثر مما يصلي في بعض، فكل من أخبر من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو من أزواجه، أو غيرهن من النساء، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى من الليل عدداً من الصلاة، أو صلى بصفةٍ، فقد صلى النبي -صلى الله عليه وسلم-

<<  <  ج: ص:  >  >>