للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وسمعته وسئل عمن أوتر يصلي بعدها مثنى مثنى؟ قال: نعم، ولكن يكون بعد الوتر ضجعة" [وقال نحوه في مسائل ابن هانئ (٥٠٤)، وانظر أيضًا: الروايتين والوجهين (١/ ١٦٢)، المغني (٢/ ٥٤٧)].

ونقل عنه ابنه عبد الله في مسائله (٣٢٥) كلامًا أطول من هذا، واحتج فيه بحديث: "لا وتران في ليلة وقال في أوله: "سألت أبي عن نقض الوتر؟ قال: لا يعجبني، قد كرهته عائشة، وأنا أكرهه ".

وقال الترمذي: "واختلف أهل العلم في الذي يوتر من أول الليل ثم يقوم من آخره،

فرأى بعض أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن بعدهم: نقض الوتر، وقالوا: يضيف إليها ركعة ويصلي ما بدا له، ثم يوتر في آخر صلاته، لأنه لا وتران في ليلة. وهو الذي ذهب إليه إسحاق.

وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- وغيرهم: إذا أوتر من أول الليل، ثم نام، ثم قام من آخر الليل، فإنه يصلي ما بدا له ولا ينقض وتره، وياع وتره على ما كان.

وهو قول سفيان الثوري، ومالك بن أنس، وابن المبارك، وأحمد.

وهذا أصح، لأنه قد روي من غير وجه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد صلى بعد الوتر".

وقال ابن نصر في كتاب الوتر (٣٠٦ - مختصره): "وقالت طائفة أخرى: إذا أوتر الرجل بركعة من أول الليل، وسلم منها فقد قضى وتره، فإذا هو نام بعد ذلك وأحدث أحداثاً مختلفة، ثم قام فاغتسل أو توضأ، وتكلم بين ذلك، ثم صلى ركعة أخرى، فهذه صلاة غير تلك الصلاة، وغير جائز في النظر أن تتصل هذه الركعة بالركعة الأولى التي صلاها في أول الليل، فتصيران صلاة واحدة، وبينهما من الأحداث ما ذكرنا، فإنما هاتان صلاتان متباينتان، كل واحدة غير الأخرى، ومن فعل ذلك فقد أوتر مرتين، ثم إذا هو أوتر أيضًا في آخر صلاته، صار موترًا ثلاث مرار، وقد روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "لا وتران في ليلة".

قالوا: وأما رواية ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا"، فإنما ذلك في الرجل يريد أن يصلي من الليل، فالسُّنَة أن يصلي مثنى مثنى، ثم يوتر آخر صلاته، فإذا هو فعل ذلك ونام، ثم قام فبدا له أن يصلي فليس في ذلك دليل على أن هذا ينبغي له أن يوتر مرة أخرى؛ لأنه قد قضى وتره مرة، وليس من السُّنَّة أن يوتر في ليلة مرتين ولا ثلاثًا، والحديث الآخر أنه قال: "لا وثران في ليلة" أولى أن يحتج به في هذا الفوضع، والدليل على ما قلنا: أن ابن عمر هو الراوي لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا"، وقد كان يشفع وتره، فلما سئل عن حجته في فعله لم يحتج بقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اجعلوا آخر صلاتكم وترًا"، بل قال: إنما هو فعل أفعله برأيي، فلو رأى في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "اجعلوا أخر صلاتكم بالليل وترًا"، حجة لفعله لاحتج به، وقال: إنما أفعله اتباعًا لأمر النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولم يقل: إنما أفعله برأيي ".

<<  <  ج: ص:  >  >>