للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال أحمد في المسند (٤/ ٢٨٠) بعد حديث البراء: "ليس يروى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قنت في المغرب إلا في هذا الحديث، وعن علي قوله" [زاد المسافر (٧٢٤)]، مع كون أحمد روى حديث ابن عباس هذا في مسنده، فليس يخفى عليه؛ فكان أحمد يذهب إلى تضعيف الزيادة التي تفرد بها هلال بن خباب في هذا الحديث، حيث جعل القنوت في الصلوات الخمس، ولم يتابع على ذلك؛ إذ لم يثبت في حديث صحيح: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قنت في الصلوات الخمس؛ فقد صح من حديث أبي هريرة: القنوت في الفجر والعشاء، وأضاف هو الظهر من فعله، وصح من حديث البراء: القنوت في الفجر والمغرب، وصح من حديث أنس القنوت في الفجر، وصح عنه أيضًا: القنوت في المغرب والفجر، وصح من حديث ابن عمر: القنوت في الصبح، وصح من حديث خفاف بن إيماء: القنوت في الصبح، وثبت عن عمر وغيره من الصحابة: القنوت في الفجر خاصة، والله أعلم.

ثم إن أحمد سئل سؤالًا مباشرًا عن القنوت في الصلوات كلها؛ فأجاب بالنفي، ولم يحتج بحديث ابن عباس هذا؛ مما يدل على أنه كان يستنكره، ولا يقول به؛ قال عبد الله بن أحمد في مسائله (٣٢٤): "قلت: إن قنت في الصلوات كلها؟ قال: لا؛ إلا في الوتر والغداة، إذا كان يستنصر ويدعو للمسلمين" [زاد المسافر (٧٢٤)].

وقال عبد الله أيضًا (٣٢٣): "سألت أبي عن القنوت في صلاة الصبح، أحب إليك قبل الركوع، أم بعد الركوع، وفي الوتر أحب إليك أم تركه؟

قال أبي: أما القنوت في صلاة الغداة: فإن كان الإمام يقنت مستنصرًا لعدو حضره؛ فلا بأس بذلك، على معنى ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه دعا لقوم ودعا على قوم، فلا بأس بالقنوت في الفجر، وأما غير ذلك فلا يقنت، ويقنت بعد الركعة في الفجر، وفي الوتر بعد الركعة إذا هو قنت.

قال: سمعت أبي يقول: أختار القنوت بعد الركعة؛ لأن كل شيء يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في القنوت: إنما هو في الفجر، لما رفع رأسه من الركعة، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "اللَّهُمَّ أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام"، وقنوت الوتر أيضًا أختاره بعد الركوع" [زاد المسافر (٧٢٤)].

وقول أحمد هنا: "لأن كل شيء يثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في القنوت: إنما هو في الفجر"؛ ظاهر في رد حديث ابن عباس، وأنه يراه غير ثابت، والله أعلم.

وإن كنت لا أقول بقول أحمد هنا بإثبات قنوت النوازل في الفجر خاصة: وذلك لثبوت القنوت في المغرب والعشاء أيضًا: من حديث البراء بن عازب، وحديث أبي هريرة، وحديث أنس، وكلها في الصحيح؛ وإنما المقصود إنكار حديث هلال بن خباب هذا في القنوت في الصلوات كلها؛ حيث لم يتابع عليه، والله أعلم.

• ثم أين أصحاب عكرمة على كثرتهم، حتى يتفرد عنه بهذا هلال بن خباب وليس بالمكثر في الحديث، ولم يتابعه أحد من أصحاب عكرمة، مثل: أبي الشعثاء، والشعبي، وأبي إسحاق السبيعي، وقتادة، وسماك بن حرب، وعاصم الأحول، وأيوب السختياني،

<<  <  ج: ص:  >  >>