ومما يزيد الوثوق بهذا الطريق عن معاوية بن صالح؛ قول أبي زرعة الدمشقي:"وسمعت عبد الله بن صالح يقول: قدم علينا معاوية بن صالح، فجالس الليث بن سعد فحدثه، فقال لي الليث: يا عبد الله ائت الشيخ فاكتب ما يملي عليك، قال: فأتيته، فكان يمليها عليَّ، ثم نصير إلى الليث، فنقرأها عليه، فسمعتها من معاوية بن صالح مرتين" [تاريخ أبي زرعة الدمشقي (٩١١ و ٩١٢ و ٢١٥٨)، تاريخ ابن الفرضي (٢/ ١٣٧)، ومنه نقلت النص؛ لأنه أضبط. تاريخ دمشق (٥٩/ ٤٨)، السير (٧/ ١٥٨)].
وفي هذه الحكاية ما يدل على تثبت عبد الله بن صالح فيما أخذه عن معاوية بن صالح، وأنه أخذ عن كتبه وأصوله، التي أراد ابن أبي خيثمة أن يدخل الأندلس كي يفتش عنها، وكان ذلك في القدمة الثانية لمعاوية بن صالح، حين خرج من الأندلس في طريقه للحج، فمر بمصر وجالس العلماء [راجع ترجمته مفصلة في فضل الرحيم الودود (٧/ ٣٥٨/ ٦٦٦)].
ب- ورواه عبد الرحمن بن مهدي، قال: حدثنا معاوية، عن العلاء بن الحارث، عن مكحول، عن عقبة بن عامر؛ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قرأ بهما في صلاة الصبح.
أخرجه النسائي في المجتبى (٨/ ٢٥٢/ ٥٤٣٥)، وفي الكبرى (٧/ ١٩٩/ ٧٨٠٠)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (١١٢٩). [التحفة (٦/ ٦٣٠/ ٩٩٧٢)، المسند المصنف (٢٠/ ٣٩٠/ ٩٣١٨)].
كذا رواه بندار محمد بن بشار [ثقة ثبت]، عن ابن مهدي، ورواه عنه بالوجه الأول: أحمد بن حنبل، وعبد الله بن هاشم العبدي [ثقة].
* ورواه عمرو بن علي [الفلاس: ثقة حافظ إمام]، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا معاوية، عن العلاء بن الحارث، عن مكحول، عن عقبة بن عامر؛ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قرأ في صلاة الصبح بحم السجدة.
أخرجه النسائي في الكبرى (٧/ ١٩٩/ ٧٨٠١). [التحفة (٦/ ٦٣١/ ٩٩٧٣)، المسند المصنف (٢٠/ ٣٩١/ ٩٣١٩)].
قلت: يبدو لي أن هاتين الروايتين وهم، والحمل فيهما على معاوية بن صالح نفسه، فلعله حدث بهما عبد الرحمن بن مهدي من حفظه، فوهم في إسناده ومتنه، ولمعاوية بن صالح إفرادات وغرائب، وهذه منها، وابن مهدي إنما سمع منه بموسم الحج، وقد شاركه في الوجه الأول جماعة من الثقات من المكثرين عن معاوية بن صالح، ممن أخذ عن كتابه، بخلاف هذين الوجهين، والله أعلم.
ومعاوية بن صالح الحضرمي الحمصي: صدوق، له إفرادات وغرائب وأوهام، ولأجل ذلك تكلم فيه من تكلم، والأكثر على توثيقه، وقد أكثر عنه مسلم، لكن أكثره في