عقبة بن عامر الجهني، ومن جعله من مسند عبد الله بن خبيب فقد قصر به، والله أعلم.
* قلت: تفرد بقيد الصباح والمساء في حديث معاذ بن عبد الله بن خبيب هذا: أسيد بن أبي أسيد، أبو سعيد البراد المدني: قال البخاري: "مقارب الحديث"، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن سعد:"كان قليل الحديث"، وصحح له الترمذي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والضياء، وقال الدارقطني:"يعتبر به"، وقال الذهبي وابن حجر:"صدوق" [طبقات ابن سعد (٥/ ٤٢٦)، التاريخ الكبير (٢/ ١٣)، علل الترمذي الكبير (٣٩٠)، الجرح والتعديل (٢/ ٣١٧)، الثقات (٦/ ٧١)، مشتبه أسامي المحدثين (٦)، تاريخ الإسلام (٣/ ٦١٧ - ط الغرب)، الكاشف (١/ ٢٥١)، إكمال مغلطاي (٢/ ٢١٩)، التهذيب (١/ ١٧٤)، التقريب (٨٤)].
قلت: لا يحتمل تفرده بذلك، وقد روى الحديث عن معاذ بدون هذا القيد: زيد بن أسلم [مدني، ثقة]، وعبد الله بن سليمان بن أبي سلمة الأسلمي المدني [لا بأس به].
وعليه: فإن حديث أبي سعيد البراد بقيد الصباح والمساء: حديث شاذ.
* والآن نلخص هذا الاختلاف على معاذ:
* رواه عبد الله بن سليمان بن أبي سلمة الأسلمي المدني [لا بأس به]، عن معاذ بن عبد الله بن خبيب، عن أبيه، عن عقبة بن عامر، مرفوعًا بالقصة، بالسور الثلاث، وفي آخره:"ما تعوَّذ بمثلِهِنَّ أحد".
* ورواه زيد بن أسلم [مدني، ثقة]، عن معاذ بن عبد الله بن خبيب، عن أبيه، مرفوعًا بالقصة، بالمعوذتين فقط، وفي آخره:"ما تعوَّذ الناس بأفضل منهما".
وفي رواية:"تعوَّذ بهما، فما تعوَّذ الخلق بمثلهما".
* ورواه أبو سعيد أسيد بن أبي أسيد البراد [مقارب الحديث]، عن معاذ بن عبد الله، عن أبيه، مرفوعًا بالقصة، وقال فيه:" {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)}، والمعوذتين حين تمسي، وحين تصبح، ثلالًا؛ يكفيك كل شيء". وفي رواية:"ثلاث مرات؛ تكفيك من كل شيء".
قلت: إذا نظرنا إلى عموم الطرق المحفوظة عن عقبة بن عامر، وأخذنا بها في الاعتبار، لكي نرجح الوجه المحفوظ في حديث معاذ هذا: نجد أن هذه القصة قد اشتهرت عن عقبة بن عامر، وأنها وقعت له مع النبي - صلى الله عليه وسلم - السفر، وعليه: فإن من جعله من مسند عبد الله بن خبيب: فقد قصر بإسناده، حيث أسقط ذكر عقبة من الإسناد، وعليه: فإن رواية عبد الله بن سليمان بن أبي سلمة الأسلمي المدني هي المحفوظة بجعله من مسند عقبة، وإذا نظرنا إلى رواية الثقات والمخضرمين عن عقبة، نجد أنهم قد اقتصروا في هذا الحديث على ذكر المعوذتين فقط دون سورة الإخلاص، وعليه: فإن رواية زبد بن أسلم هي المحفوظة بذكر المعوذتين فقط، دون زيادة سورة الإخلاص، كذلك فقد اتفق زيد بن أسلم وابن أبي سلمة الأسلمي على الجزء المرفوع من آخر الحديث:"ما تعوَّذ بمثلِهِنَّ أحد"، "ما تعوَّذ الناس بأفضل منهما"، "تعوَّذْ بهما، فما تعوَّذَ الخلق بمثلهما"، ومن ثم فلا