وقال البزار:"هكذا رواه يزيد بن رومان، ورواه غيره عن غير عبد الله الأسلمي".
وذكر الحافظ ابن كثير هذا الحديث في تفسيره (٨/ ٥٣٤) وعزاه للنسائي، وفيه:"عن عقبة بن عامر، عن عبد الله الأسلمي -هو: ابن أنيس-: ... "، هكذا نسبه ابن كثير، وقال بأنه عبد الله بن أنيس الأسلمي، بينما ذهب ابن حجر في الإصابة (٤/ ٤٧) إلى أنه عبد الله بن حبيب الأسلمي، حبث وقع اختلاف في إسناده، كما عند الباوردي، وترجم له ابن حجر في التهذيب (٢/ ٤٦٢)، وسماه:"عبد الله الأسلمي"، وأطال في ترجمته لأجل هذا الحديث الواحد [وانظر أيضًا: الإصابة (٤/ ٤٣١)]، والأقرب أن ذكر الأسلمي في هذا الحديث محض خطأ، كما قال النسائي، وأشار إلى ذلك البزار، فلسنا بحاجة للترجيح والبحث، طالما أنه حديث خطأ؛ لا يثبت.
قلت: وموضع العلة منه: أن يزيد بن رومان لا تعرف له رواية عن عقبة بن عامر إلا في هذا الحديث الواحد، كما أن روايته عن أبي هريرة مرسلة [توفي أبو هريرة سنة (٥٧ - ٥٩)]، وغالب روايته إنما هي عن التابعين، ولم يدرك عقبة بن عامر، فقد كانت وفاة يزيد سنة ثلاثين ومائة (١٣٠)؛ يعني: أنه كان بينه وبين وفاة عقبة ما يزيد على سبعين عامًا، وإن شئت قل: ثمانين عامًا.
كذلك؛ فإن إسناده غريب، حيث تفرد به: غندر، وهو بصري، عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند المدني، دون بقية أصحابه الثقات، فقد روى عنه جمع كبير من الثقات من أهل المدينة وغيرهم، منهم: مالك بن أنس، وإسماعيل بن جعفر بن أبي كثير، وسليمان بن بلال، وأبو ضمرة أنس بن عياض، ويزيد بن عبد الله بن الهاد، والمغيرة بن عبد الرحمن المخزومي، وأبو نباتة يونس بن يحيى المدني، وعبد الله بن المبارك، ووكيع بن الجراح، ويحيى بن سعيد القطان، وطلحة بن يحيى الزرقي، وصفوان بن عيسى البصري، وعبد الرحمن بن محمد المحاربي، وعبد الرزاق بن همام الصنعاني، وعمرو بن الحارث المصري، وعيسى بن يونس، والفضل بن موسى السيناني، ومكي بن إبراهيم البلخي، ويوسف بن يعقوب الضبعي البصري، وغيرهم.
ثم إن عبد الله بن سعيد بن أبي هند، وإن وثقه أكثر النقاد؛ مثل: أحمد وابن معين وابن المديني وأبي داود وابن سعد والعجلي ويعقوب بن سفيان وغيرهم، وقال النسائي:"ليس به بأس]، لكن قال يحيى بن سعيد القطان: "كان صالحًا، تعرف وتنكر"، وقال أبو حاتم: "ضعيف الحديث"، ووهنه أيضًا أبو زرعة الرازي، وذكره ابن حبان في الثقات؛ لكنه قال في المشاهير: "كان يهم في الشيء بعد الشيء" [التهذيب (٢/ ٣٤٦)، العلل ومعرفة الرجال (٥٠٤٦)، ضعفاء العقيلي (٢/ ٢٦١)، الجرح والتعديل (٥/ ٧٠)، الثقات (٧/ ١٢)، المشاهير (١٠٨٤)، تاريخ أسماء الثقات (٦٢٨ و ٦٣٢ و ٦٥٨)، إكمال مغلطاي (٧/ ٣٨٣)، وغيرها كثير].
أعني بذلك: أن عبد الله بن سعيد، وإن كان العمل على توثيقه، إلا أن الذين ضعفوه