وكذلك رواه زائدة بن قدامة وزيد بن أبي أنيسة، عن عاصم موقوفًا، وهو الصواب".
قلت: وعليه: فهو حديث حسن، وله حكم الرفع؛ كما قال ابن حجر، وليس في متنه نكارة، وتفرد عاصم بن أبي النجود به عن أبي صالح لا يضره، والله أعلم.
* وروي أيضًا مقطوعًا على أبي صالح قوله مقطوعًا عليه: أخرجه سعيد بن منصور في سننه (١٢ و ١٣)، وابن أبي شيبة (٦/ ١٣٠/ ٣٠٠٤٨)، والدارمي (٣٦٣١ - ط البشائر)، وابن الضريس في فضائل القرآن (١٠٢). [الإتحاف (١٩/ ٦٥٤/ ٢٥٤٨٢)، المسند المصنف (٣٣/ ٤٧٥/ ١٥٦٦٥)].
* ومما يؤكد ما ذهبت إليه في عدم وجود نكارة في متنه تقتضي الحكم عليه بالوضع؛ مع نظافة إسناده:
ما رواه معاوية بن سلام، قال: سمعت أخي زيد بن سلام؛ أنه سمع [جده] أبا سلام، يقول: حدثني أبو أمامة الباهلي، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يقول: "اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه، اقرؤوا الزهراوين: سورة البقرة وسورة آل عمران، فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو كأنهما غيايتان، أو كأنهما فِرقان من طير صواف، تحاجَّان عن أصحابهما، اقرؤوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة". قال معاوية: بلغني أن البطلة: السحرة.
أخرجه مسلم (٨٠٤)، تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (١٤٥٣).
* ورواه أيضًا: الوليد بن عبد الرحمن الجرشي، عن جبير بن نفير، قال: سمعت النواس بن سمعان الكلابي، يقول: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم-، يقول: "يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به، تقدَّمه سورة البقرة، وآل عمران"، وضرب لهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثلاثة أمثال ما نسيتهنَّ بعد، قال: "كأنهما غمامتان، أو ظُلتان سوداوان بينهما شرق، أو كأنهما حِزقان [وفي رواية: فِرقان] من طير صواف، تحاجَّان عن صاحبهما".
أخرجه مسلم (٨٠٥)، تقدم تخريجه تحت الحديث رقم (١٤٥٣).
وقد وقع تأويله من بعض العلماء، فقد قال الترمذي: "ومعنى هذا الحديث عند أهل العلم أنه يجيء ثواب قراءته، كذا فسر بعض أهل العلم هذا الحديث وما يشبه هذا من الأحاديث: أنه يجيء ثواب قراءة القرآن. وفي حديث النواس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- يدل على ما فسروا؛ إذ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "وأهله الذين يعملون به في الدنيا" ففي هذا دلالة أنه يجيء ثواب العمل".
وبذا تسقط حجة من رد الحديث؛ بدعوى معارضته لكون القرآن كلام الله تعالى، وأنه صفة من صفات الخالق سبحانه، بل إن الجوزقاني نفسه، وهو الذي رد حديث أبي هريرة، قبل حديث أبي أمامة وصححه، وهو في نفس معناه، حيث قال عنه الجوزقاني: "حديث صحيح" [الأباطيل والمناكير (٢/ ٣٣٥/ ٦٧٨)]، والله أعلم.