* وقد روي نحوه من حديث ابن عمر موقوفًا عليه، ولا يثبت عنه:
فقد روى إبراهيم بن محمد الفزاري، عن سفيان، عن عاصم، عن مجاهد، عن ابن عمر، قال: يجيء القرآن يشفع لصاحبه يقول: يا رب لكل عامل عمالة من عمله، وإني كنت أمنعه اللذة والنوم، فأكرمه، فيقال: ابسط يمينك، فتملأ من رضوان الله، ثم يقال: ابسط شمالك، فتملأ من رضوان الله، ويكسى كسوة الكرامة، ويحلى بحلية الكرامة، ويلبس تاج الكرامة.
أخرجه الدارمي (٣٦٣٠ - ط البشائر)، قال: حدثنا موسى بن خالد: حدثنا إبراهيم بن محمد الفزاري به. [الإتحاف (٨/ ٦٤٩/ ١٠١٥٣)].
* وهذا غريب من حديث الثوري؛ فإن أبا إسحاق إبراهيم بن محمد بن الحارث الفزاري الإمام؛ وإن كان ثقةً حافظًا؛ إلا أنه يخالف أصحاب الثوري أحيانًا [انظر مثلًا: فضل الرحيم الودود (٦/ ٣١٧/ ٥٥٤)]، والراوي عنه: أبو الوليد موسى بن خالد الحلبي، ختن الفريابي، وقيل: ختن الفزاري: شيخ للدارمي، أخرج له مسلم حديثًا واحدًا في المتابعات (٢٤٧٩)، وذكره ابن حبان في الثقات، وليس بالمشهور [الكنى لمسلم (٣٤٨١)، الثقات (٩/ ١٦١)، تاريخ الإسلام (٥/ ٤٦٧ - ط الغرب)، التهذيب (٤/ ١٧٣)].
وقد روى جماعة من أثبت أصحاب الثوري: يحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبو نعيم الفضل بن دكين، ووكيع بن الجراح، وأبو داود عمر بن سعد الحفري [وهم ثقات، وفيهم أثبت الناس في الثوري]، وغيرهم:
عن سفيان: حدثني عاصم بن بهدلة، عن زر، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يُقالُ لصاحب القرآن: اقرأ وارتَقِ، ورتِّلْ كما كنت تُرتِّلُ في الدنيا، فإن مَنزِلكَ عند آخر آيةٍ تقرؤها". وهو حديث الباب.
وهذا أولى من رواية الفزاري.
* وأما هذا الحديث فإنما يرويه: أبو الربيع الزهراني [سليمان بن داود العتكي، وهو: ثقة]: حدثنا حماد [هو: ابن زيد، وهو: ثقة ثبت]، عن عاصم بن بهدلة، عن مجاهد، قال: يجيء القرآن يوم القيامة في صورة الرجل الشاحب جاء من الغيبة، فيأتي صاحبه فيقول: هل تعرفني؟ فيقول: لا، من أنت يا عبد الله؟ فيقول: أنا الذي كنت أمنع منك النوم واللذة، قال: إنك القرآن، فيأخذ بيده، فينطلق به، فيقول: ابسط يمينك فيبسط يمينه، فتملأ من رضوان الله، وتحل عليه حلة الكرامة، ويوضع على رأسه تاج الكرامة، وينطلق به إلى درجات الجنة، ويقال له: اقرأ وارقه، واعلم أن منزلك عند آخر آية كنت تقرؤها.
أخرجه ابن الضريس في فضائل القرآن (٩٤).
وهذا مقطوع على مجاهد بإسناد صحيح؛ ولم ينفرد به: عاصم الكوفي عن مجاهد المكي؛ بل تابعه الثقة الثبت: عمرو بن مرة.