للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي رواية شبابة [عند أبي القاسم]: ... قال: قلت: كيف كان ترجيعه؟ قال: آهـ آهـ آهـ.

وهذه الزيادة الأخيرة عند أبي القاسم البغوي زيادة شاذة، حيث تشتمل على زيادة حرف في أثناء المد والتمطيط لحرف المد، وإنما المراد من الترجيع هنا تمطيط حرف المد مع التغني به وتحسين الصوت، من غير زيادة حرف دخيل على حرف المد الهوائي، كالهاء أو الهمزة المسهلة، والدليل على ذلك عبارات الرواة التي يفسر بعضها بعضًا، مثل قول آدم: "قراءة لينةً، يقرأ وهو يرجِّع"، وقول أبي النضر وعلي بن الجعد وعبد الرحمن الرصاصي: "لقرأت ذلك اللحن"، وقول ابن إدريس: "فما سمعت قراءةً أحسنَ منها، يرجِّع"، وكل ذلك ينفي وقوع الترجيع بسبب هز الناقة، كما لم تشتمل رواية أثبت الناس في شعبة على زيادة تفسيرية تعطينا معنى جديدًا للترجيع، مثل: غندر محمد بن جعفر، ومعاذ بن معاذ العنبري، وخالد بن الحارث، ويحيى بن سعيد القطان، وعفان بن مسلم، وأبي الوليد الطيالسي، وعلي بن الجعد، ووكيع بن الجراح، ومسلم بن إبراهيم، وأبي داود الطيالسي، وحجاج بن محمد المصيصي، وغيرهم، فوجب حينئذ رد رواية شبابة إلى رواية بقية الحفاظ من أصحاب شعبة، فضلًا عن رد حديث ابن مغفل هذا إلى بقية الأحاديث الواردة في الباب في وصف قراءة النبي -صلى الله عليه وسلم-، مثل حديث أنس السابق: كان يمدُّ مدًّا، وحديث يعلى بن مملَكٍ؛ أنه سأل أمَّ سلمةَ عن قراءةِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاته، وفيه: ونعتَتْ قراءته، فإذا هي تَنْعَتُ قراءتَه حرفًا حرفًا، وكذلك حديث البراء بن عازب مرفوعًا: "زيِّنُوا القرآنَ بأصواتكم"، وحديث أبي هريرة مرفوعًا: "ليس منا من لم يتغن بالقرآن"، وحديث أبي هريرة مرفوعًا: "ما أَذِن الله لشيءٍ ما أَذِن لنبيٍّ حسنِ الصوتِ يتغنى بالقرآن؛ يجهر به"، وسيأتي ذكر حديث البراء وأبي هريرة لاحقًا، وكذلك ما كان في معناها، مما يعطي معنى عامًا لما كان عليه تلاوة النبي -صلى الله عليه وسلم- للقرآن، إذ القراءة سنة متبعة، ولا يمكن أن تعطي زيادة شبابة دون بقية من روى الحديث عن شعبة معنى جديدًا ليس له أصل في عموم المرويات، والله أعلم.

وعلى هذا: فالمراد من الترجيع هنا تحسين الصوت بالتلاوة والتغني بالقرآن وتزيينه باللحن العربي دون تكلف الألحان الأعجمية والأوزان الموسيقية والمقامات الصوتية، والله أعلم.

* وانظر للفائدة: المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث لأبي موسى المديني (١/ ٧٤٠)، النهاية لابن الأثير (٢/ ٢٠٢)، لسان العرب (٨/ ١١٥)، زاد المعاد (١/ ٤٨٣ و ٤٩٢)، فتح الباري لابن حجر (٩/ ٩٢).

* هكذا رواه جماعة الثقات من أصحاب شعبة:

وخالفهم: أبو طالب حفص بن جابان: أنا شعبة، قال: سمعت معاوية بن قرة، قال: سمعت عبد الله بن مغفل، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- افتتح بسورة الفتح، وهو على ناقته، فرجَّع فيها: آ آ آ، يهمز ويترسل.

<<  <  ج: ص:  >  >>