للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال أبو عبيد: "وإنما كره أيوب فيما نرى أن يتأول الناس بهذا الحديث الرخصة من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في هذه الألحان المبتدعة، ولهذا نهاه أن يحدث به" [فضائل القرآن (١٦٧)، غريب الحديث لأبي عبيد (١/ ٣٤٩). وانظر: الغريبين في القرآن والحديث (٣/ ٨٤٥) و (٤/ ١٣٩٣)].

وقال الخطابي في غريب الحديث (١/ ٣٥٧): "قوله: "زينوا القرآن بأصواتكم المعنى: زينوا أصواتكم بالقرآن، فقدَّم الأصوات؛ على مذهبهم في قلب الكلام، وهو كثير في كلامهم".

ثم قال: "وإنما تأولنا الحديث على هذا المعنى؛ لأنه لا يجوز على القرآن وهو كلام الخالق أن يزينه صوت مخلوق، بل هو بالتزيين لغيره والتحسين له أولى".

ثم قال: "والمعنى: أشغلوا أصواتكم بالقرآن، والهجوا بقراءته، واتخذوه زينةً وشعارًا، ولم يرد تطريب الصوت به والتحزين له؛ إذ ليس هذا في وسع كل أحد، فلعل من الناس من إذا أراد التزيين له أفضى به إلى التهجين، وإنما المعنى في ذلك ما ذكرناه لقوله: "ليس منا من لم يتغن بالقرآن"، إنما هو أن يلهج بتلاوته كما يلهج الناس بالغناء والطرب عليه، وإلى هذا المعنى ذهب ابن الأعرابي صاحبنا.

أخبرني إبراهيم بن فراس، قال: سألت ابن الأعرابي عن هذا، فقال: إن العرب كانت تتغنى بالركباني، وهو النشيد بالتمطيط والمد؛ إذا ركبت الإبل، وإذا تبطحت على الأرض، وإذا جلست في الأفنية، وعلى أكثر أحوالها، فلما نزل القرآن أحب النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يكون القرآن هجيراهم مكان التغني بالركباني" [وانظر رد ابن بطال في شرح البخاري (١٠/ ٥٤٥)؛ فإنه لا يُنكر تزيين القرآن بحسن الصوت والتلاوة، ولذا قال أبو موسى لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لو علمتُ أنك تسمع لقراءتي لحبرته لك تحبيرًا، وذلك حين قال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة، لقد أوتيت مزمارًا من مزامير آل داود". أخرجه مسلم (٧٩٣/ ٢٣٦) دون قول أبي موسى].

* وروى عبد الله بن إدريس [ثقة ثبت]، عن الأعمش، قال: قرأ رجل عند أنس بلحن من هذه الألحان فكره ذلك أنس.

وفي رواية: أن رجلًا قرأ عند أنس فطرب، فكره ذلك أنس.

أخرجه ابن أبي شيبة (٦/ ١١٩/ ٢٩٩٤٩)، والدارمي (٣٨٣٢ - ط البشائر)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (٤٦). [الإتحاف (٢/ ٤١/ ١١٧٠)].

والأعمش: لم يسمع من أنس؛ إنما رآه يصلي [راجع فضل الرحيم الودود (١٥)].

* ورواه يعقوب بن إبراهيم [أبو يوسف القاضي: صدوق، كثير الخطأ. اللسان (٨/ ٥١٨)، الجرح والتعديل (٩/ ٢٠١)]، عن الأعمش، عن رجل، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-؛ أنه سمع رجلًا يقرأ بهذه الألحان التي أحدث الناس، فأنكر ذلك، ونهى عنه.

أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن (١٦٧)، وجعفر المستغفري في فضائل القرآن (٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>