للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهذا الوجه هو الذي مال إليه البخاري والدارقطني، وهو الصواب عندي؛ بدليل: أن بعض أصحاب الليث المصريين منهم من اختلفت الرواية عنهم، ومنهم من وقع في روايته الشك والتردد: عن سعد بن أبي وقاص، أو: عن سعيد بن أبي سعيد، وهذا مما يؤكد كون هذا الحديث كان عند الليث عن سعد وهو بمصر قبل أن يخرج إلى العراق، لا كما قال كاتبه عبد الله بن صالح، وذلك لأن أهل بيت الرجل أولى به من غيره، وقد ثبتت الرواية عن شعيب بن الليث أنه كان يشك فيه، هل هو عن سعد، أم عن سعيد، فلما ذهب إلى العراق ذهب عنه التردد، وثبت على كونه عن سعد قولًا واحدًا، فانتفت بذلك شبهة التلقين عن الليث، وتابع بذلك اثنين من الحفاظ: عمرو بن دينار وابن جريج، والله أعلم.

* قال البخاري عن حديث ابن الأخنس [الآتي ذكره فيما لا يثبت من طرق الحديث]: "هذا حديث خطأ، وحديث ابن أبي مليكة عن عائشة فيه: خطأ.

والصحيح: ما رواه عمرو بن دينار، وابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن عبيد الله بن أبي نهيك، عن سعد بن أبي وقاص، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "ليس منا من لم يتغنَّ بالقرآن"".

ثم قال البخاري: "وكان الليث بن سعد يروي هذا عن ابن أبي مليكة، عن عبيد الله بن أبي نهيك، ويقول: عن سعيد بن أبي سعيد، ثم رجع فقال: عن سعد بن أبي وقاص، هكذا قال عبد الله بن صالح" [علل الترمذي الكبير (٦٤٩ - ٦٥١)].

وقال الدارقطني في العلل (٤/ ٣٨٩/ ٦٤٩): "واختلف عن الليث في ذكر سعد بن أبي وقاص؛ فأما الغرباء عن الليث، فرووه عنه على الصواب.

وأما أهل مصر فرووه، وقالوا: عن سعيد بن أبي سعيد كان سعد. ومنهم من قال: عن سعيد، أو سعد. وقال قتيبة: عن الليث عن رجل، ولم يسم سعدًا ولا غيره".

كذلك فإن كلام البزار عند ذكره الاختلاف الواقع في هذا الحديث على ابن أبي مليكة، يدل على ترجيح رواية العراقيين عن الليث بن سعد، قال البزار في مسنده (٦/ ١٤٨/ ٢١٩٢): "وهذا الحديث اختلف فيه عن ابن أبي مليكة: فقال عمرو بن دينار، والليث: عن ابن أبي مليكة، عن ابن أبي نهيك، عن سعد، وقال عبد الجبار بن الورد: عن ابن أبي مليكة، عن ابن أبي يزيد، عن أبي لبابة، وقال عسل بن سفيان: عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، وقال عبيد الله بن الأخنس: عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس".

* قال الحاكم: "ليس يدفع رواية الليث تلك الروايات عن عبيد الله بن أبي نهيك، فإنهما أخوان تابعيان، والدليل على صحة الروايتين رواية عمرو بن الحارث، وهو أحد الحفاظ الأثبات عن ابن أبي مليكة".

* رواه عبد الله بن وهب [ثقة حافظ]: أنا عمرو بن الحارث [ثقة ثبت]، عن ابن أبي مليكة؛ أنه حدثه عن ناس دخلوا على سعد بن أبي وقاص، فسألوه عن القرآن، فقال سعد: أما إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "ليس منَّا منْ لم يتغنَّ بالقرآن".

أخرجه الحاكم (١/ ٥٧٠) (٢/ ٦٢٧/ ٢١٢٢ - ط الميمان). [الإتحاف (٥/ ٩٥/ ٥٠٠٢)].

<<  <  ج: ص:  >  >>