للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أبو كريب، ثنا ابن المبارك بهذا الحديث، فصرح الزهري بقوله: حدثني سهل بن سعد، وهي متابعة قوية لمحمد بن جعفر غندر، والله أعلم".

قلت: قد يقال هذا إذا ثبتت الطرق التي فيها ذكر السماع.

أما رواية غندر عن معمر؛ فقد تبين شذوذها.

وأما رواية معلى بن منصور وأبي كريب [وهما ثقتان]، فهي مقابَلة برواية جماعة من الثقات عن ابن المبارك، لم يذكروا فيها السماع، منهم: أحمد بن منيع، وحبان بن موسى المروزي، وعلي بن إسحاق المروزي، ويحيى بن أيوب المقابري، والحسن بن عرفة، وخلف بن الوليد، وغيرهم.

والقلب إلى روايتهم أمْيَل، لا سيما وفيهم المراوزة، أهل بلد ابن المبارك، ومن المكثرين عنه.

فإن هذا السماع الذي أثبته معلى وأبو كريب في روايتهما الظاهر أنه: وهم، ولعله قائم على أن سماع الزهري من سهل: ثابت معلوم، فلعل بعض الرواة تصرف في صيغة الأداء، والدليل على صحة ما ذهبنا إليه: رواية عمرو بن الحارث عن الزهري، والتي فيها إثبات الواسطة بين الزهري وسهل، وكذلك أقوال الأئمة الذين نفوا ذلك السماع؛ فقد جزم موسى بن هارون والدارقطني بأن الزهري لم يسمعه من سهل [التلخيص (١/ ٢٣٤)].

وشكك ابن خزيمة في ثبوته، بل إن الإمام مسلم بن الحجاج قد جزم بذلك أيضًا، حيث قال: "فإن الزهري لم يسمعه من سهل بن سعد، وإنما قال: حدثني بعض من أرضى عن سهل بن سعد، ولعله سمعه من أبي حازم" [معرفة علوم الحديث ص (١٠٩)].

وبهذا احتج أيضًا ابن عبد البر، فقال في التمهيد (٨/ ٣٨٣): "ولم يسمع الزهري هذا الحديث من سهل بن سعد".

وقال في الاستذكار (١/ ٢٧٧): "وقد تقدم أن ابن شهاب لم يسمعه من سهل بن سعد، وإنما رواه عن أبي حازم عن سهل بن سعد".

وكذلك فإن رواية عقيل وشعيب وابن جريج عن الزهري مشعرة بالانقطاع وأنه لم يسمعه منه.

وقال الحازمي في الاعتبار (١/ ١٩٣): "ويشبه أن يكون الزهري أخذه عن أبي حازم عن سهل".

وقد ساق ابن عبد البر في التمهيد (٨/ ٣٨٣) كلام موسى بن هارون، حيث قال: "كان الزهري إنما يقول في هذا الحديث: قال سهل بن سعد. ولم يسمع الزهري هذا الحديث من سهل بن سعد، وقد سمع من سهل أحاديث، إلا أنه لم يسمع هذا منه؛ وواه ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن الزهري، قال: حدثني بعض من أرضى أن سهل بن سعد أخبره، قال موسى: ولعمري إن كان الزهري سمعه من أبي حازم؛ فإن أبا حازم رضى، فقد روى أبو حازم هذا الحديث عن سهل بن سعد".

<<  <  ج: ص:  >  >>