للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٦٧ - : "فأحب لمن يقرأ القرآن أن يتحزن عند قراءته، ويتباكى ويخشع قلبه، ويتفكر في الوعد والوعيد ليستجلب بذلك الحزن".

° وقال صالح بن أحمد في مسائله (٢٨٨): "قلت: قوله: "ما أذن الله لشيء كاذنه لنبي يتغني بالقرآن، يجهر به"، ما معناه؟ قال أبي: إذا رفع صوته فقد تغني به".

وقال ابن هانئ في مسائله (٢٠٢١): "وقال أبو عبد الله يومًا، وكنت سألته عنه: تدري ما معنى: "من لم يتغن بالقرآن قلت: لا، قال: هو الرجل يرفع صوته، هذا معناه، إذا رفع صوته فقد استغنى به".

• وقال النووي: "أجمع العلماء على استحباب تحسين الصوت بالقرآن؛ ما لم يخرج عن حد القراءة بالتمطيط، فإن خرج حتى زاد حرفًا أو أخفاه حرُم" [التبيان في آداب حملة القرآن (١٠٩ - ١١٠)، شرح مسلم للنووي (٦/ ٨٠)، الفتح لابن حجر (٩/ ٧٢)، ونقلت عنه، وقد تصرف في اختصار كلام النووي].

° وقال ابن القيم في روضة المحبين (٢٦٨): "ووهم من فسره بالغنى الذي هو ضد الفقر، من وجوه: أحدها: أن ذلك المعنى إنما يقال فيه استغنى، لا تغنى، والثاني: أن تفسيره قد جاء في نفس الحديث: يجهر به، هذا لفظه، قال أحمد [بل هو الشافعي]: نحن أعلم بهذا من سفيان، وإنما هو تحسين الصوت به، يحسنه ما استطاع، الثالث: أن هذا المعنى لا يتبادر إلى الفهم من إطلاق هذا اللفظ، ولو احتمله؛ فكيف وبُنية اللفظ لا تحتمله كما تقدم" [وانظر: الكلام على مسألة السماع (١٩٣)].

وقال ابن القيم في الزاد (١/ ٤٧٤) بعد ذكر أدلة الفريقين: "وفصل النزاع، أن يقال: التطريب والتغني على وجهين، أحدهما: ما اقتضته الطبيعة وسمحت به من غير تكلف ولا تمرين ولا تعليم، بل إذا خلي وطبعه، واسترسلت طبيعته جاءت بذلك التطريب والتلحين، فذلك جائز، وإن أعان طبيعته بفضل تزيين وتحسين كما قال أبو موسى الأشعري للنبي - صلى الله عليه وسلم - "لو علمت أنك تسمع لحبرته لك تحبيرًا"، ... ولكن النفوس تقبله وتستحليه لموافقته الطبع، وعدم التكلف والتصنع فيه، فهو مطبوع لا متطبع، وكلف لا متكلف، فهذا هو الذي كان السلف يفعلونه ويستمعونه، وهو التغني الممدوح المحمود، وهو الذي يتأثر به التالي والسامع، وعلى هذا الوجه تحمل أدلة أرباب هذا القول كلها.

الوجه الثاني: ما كان من ذلك صناعة من الصنائع، وليس في الطبع السماحة به، بل لا يحصل إلا بتكلف وتصنع وتمرن، كما يتعلم أصوات الغناء بأنواع الألحان البسيطة والمركبة، على إيقاعات مخصوصة، وأوزان مخترعة، لا تحصل إلا بالتعلم والتكلف، فهذه هي التي كرهها السلف وعابوها وذموها، ومنعوا القراءة بها، وأنكروا على من قرأ بها، وأدلة أرباب هذا القول إنما تتناول هذا الوجه، وبهذا التفصيل يزول الاشتباه، ويتبين الصواب من غيره، وكل من له علم بأحوال السلف يعلم قطعًا أنهم برآء من القراءة بألحان الموسيقى المتكلفة، التي هي إيقاعات وحركات موزونة معدودة محدودة، ... " إلى آخر كلامه.

<<  <  ج: ص:  >  >>