للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابن أبي نهيك، عن سعد" ... ، قال الدارقطني: "جاء أبو أمية إلى بغداد فسمعوه منه".

وقال البيهقي: "والجماعة عن الزهري إنما رووه باللفظ الذي نقلناه في أول هذا الباب، وبذلك اللفظ: رواه يحيى بن أبي كثير، ومحمد بن إبراهيم التيمي، ومحمد بن عمرو، عن أبي سلمة، وهذا اللفظ إنما يعرف من حديث سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - وغيره ثم اعتذر البيهقي للبخاري بقوله: "إلا أن الذي رواه عن الزهري بهذا اللفظ حافظ إمام، فيحتمل أن يكونا جميعًا محفوظين، والله أعلم".

وقال الخطيب في تاريخ بغداد (٢/ ٢٨٠ - ط الغرب): "روى هذا الحديث: عبد الرزاق بن همام، وحجاج بن محمد، عن ابن جريج، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة وحده.

وكذلك رواه الأوزاعي، وعمرو بن الحارث، ومحمد بن الوليد الزبيدي، وشعيب بن أبي حمزة، ومعمر بن راشد، وعقيل بن خالد، ويونس بن يزيد، وعبيد الله بن أبي زياد، وإسحاق بن راشد، ومعاوية بن يحيى الصدفي، والوليد بن محمد الموقري، عن الزهري، واتفقوا كلهم وابن جريج منهم، على أن لفظه: "ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت أن يتغنى بالقرآن"، وأما المتن الذي ذكره أبو عاصم فإنما يروى عن ابن أبي مليكة، عن ابن أبي نهيك، عن سعد بن أبي وقاص، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ".

وانظر أيضًا: النكت الظراف (١١/ ٣٧/ ١٥٢١١)، الفتح لابن حجر (١٣/ ٥٠٢).

قلت: ومع جزمي بوهم أبي عاصم في هذا الحديث؛ إلا أنه يمكن الاعتذار للبخاري في إخراجه هذا الحديث في صحيحه: فيقال:

أولًا: لم يخرجه البخاري في بابه، وإنما أخرجه في كتاب التوحيد، باب: قول الله تعالى: {وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (١٣) أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (١٤)} [الملك: ١٣, ١٤]. بينما ترجم في كتاب فضائل القرآن: باب من لم يتغن بالقرآن، ثم أخرج حديث أبي هريرة: "ما أذن الله لشيء ... " من وجهين: حديث عقيل (٥٠٢٣)، وحديث ابن عيينة (٥٠٢٤)، ولم يخرج حديث أبي عاصم مع مطابقته للترجمة.

وثانيًا: فإن أبا عاصم وإن كان دخل له حديث في حديث؛ لكن يبقى أن يقال: أبو عاصم النبيل الضحاك بن مخلد: ثقة ثبت، من أصحاب ابن جريج المكثرين عنه، قال الدارقطني: "حسن الرواية عنه يعني: عن ابن جريج، وقدَّمه فيه، وهو مكي تحول إلى البصرة، فلعل البخاري نظر إلى معنى آخر، وهو أن أبا عاصم روى حديث أبي هريرة بمتن حديث سعد؛ لكونه في معناه العام؛ فإن حديث أبي هريرة: "ما أذن الله لشيء مما أذن لنبي يتغنى بالقرآن"، فيه حث على تحسين الصوت بالقرآن والتغني به، وحديث: "ليس منا من لم يتغن بالقرآن"، فيه ذم لترك التحسين، فمعناهما قريب، ولذا قال ابن حجر في الفتح (١٣/ ٥٠٢): "والحديث واحد؛ إلا أن بعضهم رواه بلفظ: "ما أذن الله"، وبعضهم رواه بلفظ: "ليس منا"، قلت: ويشبه أن يكون البخاري ذهب إلى هذا، وصنيعه في كتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>