للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فضائل القرآن يدل على هذا، حيث ترجم بأحد الحديثين وأسند الآخر من وجهين، فدل على أن الحديثين عنده بمعنى، والبخاري لا يخفى عليه تفرد أبي عاصم عن ابن جريج بهذا اللفظ، دون بقية من روى الحديث عن ابن جريج، ودون من رواه عن الزهري، ودون من رواه عن أبي سلمة، فكأنه رآه بمعنى حديث الجماعة، والله أعلم.

° وروى داود بن رشيد [ثقة]: ثنا يحيى بن سعيد الأموي [ليس به بأس، صاحب غرائب]، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس منا من لم يتغنَّ بالقرآن".

أخرجه أبو العباس السراج في حديثه بانتقاء زاهر بن طاهر الشحامي (١١٥٢).

° وهذا أيضًا وهمٌ من يحيى بن سعيد الأموي:

فقد رواه إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير، ومحمد بن بشر العبدي، وحماد بن سلمة، ويزيد بن هارون، وأبو ضمرة أنس بن عياض [وهم ثقات]:

عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما أذن الله لشيء كأذنه لنبي يتغنى بالقرآن، يجهر به".

أخرجه مسلم (٧٩٢/ ٢٣٤)، وتقدم تخريجه في الطريق الثالث من طرق حديث أبي هريرة، وهذا هو المحفوظ فيه.

° ومما قيل في معنى الحديث:

قال أبو عبيد في غريب الحديث (١/ ٣٤٦): "قوله: كأذنه: يعني ما استمع الله لشيء كاستماعه لنبي يتغنى بالقرآن".

ثم قال: "بعضهم يرويه: "كإذنه لنبي يتغنى بالقرآن"، بكسر الألف، يذهب به إلى الأذن من الاستئذان، وليس لهذا وجه عندي.

وكيف يكون إذنه في هذا أكثر من إذنه في غيره، والذي أذن له فيه من توحيده وطاعته، والإبلاغ عنه أكثر وأعظم من الإذن في قراءة يجهر بها.

وقوله: "يتغنّى بالقرآن": إنّما مذهبه عندنا تحزين القراءة".

وقال صالح بن أحمد في مسائله (٢٨٨): "قلت: قوله: "ما أذن الله لشيء كأذنه لنبي يتغنى بالقرآن، يجهر به"، ما معناه؟ قال أبي: إذا رفع صوته فقد تغنى به".

وقال ابن جرير الطبري في تفسيره (٢٤/ ٢٣٠): "يعني بذلك: ما استمع الله لشيء كاستماعه لنبي يتغنى بالقرآن".

وقال الطحاوي في المشكل (٣/ ٣٤٦) عند شرح رواية يونس بن يزيد الأيلي: "ما يأذن الله عز وجل لشيء ما يأذن لنبي يتغنى بالقرآن"، قال: "أي: ما يستمع لشيء ما يستمع لنبي يتغنى بالقرآن؛ من تحسينه به صوته، طلبًا لرقة قلبه به لما يرجو في ذلك من ثواب ربه عز وجل إياه عليه، والله نسأله التوفيق"، وقال في موضع آخر (٤/ ٥): "وفي ذلك حض الناس على تحسين أصواتهم بالقرآن".

<<  <  ج: ص:  >  >>