للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن حبان (٣/ ٢٩): "قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يتغنى بالقرآن" يريد: يتحزن به، وليس هذا من الغنية، ولو كان ذلك من الغنية لقال: يتغانى به، ولم يقل: يتغنى به، وليس التحزن بالقرآن نقاء الجرم، وطيب الصوت، وطاعة اللهوات بأنواع النغم بوفاق الوقاع، ولكن التحزن بالقرآن هو أن يقارنه شيئان: الأسف والتلهف، الأسف على ما وقع من التقصير، والتلهف على ما يؤمل من التوقير، فإذا تألم القلب وتوجع، وتحزن الصوت ورجع، بدر الجفن بالدموع، والقلب باللموع، فحينئذ يستلذ المتهجد بالمناجاة، ويفر من الخلق إلى وكر الخلوات، رجاء غفران السالف من الذنوب، والتجاوز عن الجنايات والعيوب، فنسأل الله التوفيق له".

وقال أيضًا: "قوله: "ما أذن الله" يريد: ما استمع الله لشيء، "كأذنه": كاستماعه للذي يتغنى بالقرآن، "يجهر به يريد: يتحزن بالقراءة على حسب ما وصفنا نعته".

وقال الخطابي في أعلام الحديث (٣/ ١٩٤٤): "قوله: ما أذن؛ يعني: ما استمع، يقال: أذنت للشيء آذن له: إذا استمعت له أَذَنًا -بفتح الذال- ويقال: إن اشتقاقه من الأذن لأن السماع يقع بها لذوي الآذان.

وقوله: يتغنى بالقرآن، معناه: يحسن الصوت به، وذلك لأنه غنى إذا حسن الصوت به، كان أوقع في النفوس وأنجع في القلوب".

وقال في إصلاح غلط المحدثين (١٠٤): "قولُهُ - صلى الله عليه وسلم - "ما أَذِنَ الله لشيءٍ كأَذَنِهِ لنبيٍّ يتغنّى بالقرآن" الألفُ والذّالُ مفتوحتان، مصدرُ أَذِنْتُ للشيء أَذَنًا: إذا استمعت إليه، ومن قال: كإِذنِهِ، فقد وَهِمَ" [وكذا قال في كريب الحديث (٣/ ٢٥٦). وانظر: المعالم (١/ ٢٩١)].

وقال أبو الحسن العسكري في تصحيفات المحدثين (١/ ٣٥٦): "ومما يُشكل ولا يضبطُه إلا أهْلُه قوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: "مَا أَذِنَ الله لشيءٍ كَإَذَنِهِ لنبيٍّ يتَغَنَّى بالقرآن يجهر به، كأَذَنه: الألف مفتوحة والذال مفتوحة، ومن لا يضبط يرويه: كَإِذْنِه، فيكسر الألف التي هي الهمزة ويسكن الذال، فيقلب المعنى، والصواب كأَذَنِهِ بفتْحَتَيْنِ، والأذَنُ الاستماعُ، يُقَالُ: أذِنْتُ للشيءِ آذَنُ لَهُ أذَنًا: إذا استمعتُ لَهُ".

وقد اقتصرت على مشاهير أعلام اللغويين المحدثين، والنقل في هذا المعنى كثير.

° وقوله: "يجهر به":

قال ابن الأثير في النهاية (٣/ ٣٩١): "وكلُّ من رفع صوته ووالاه فصوته عند العرب غناء".

وقال ابن حجر في الهدي (١٦٤): "وفي رواية: يجهر به، وكل رفع صوت عند العرب يقال له غناء".

° وله شاهد من حديث فضالة بن عبيد:

رواه الوليد بن مسلم [وعنه بهذا الوجه: دحيم عبد الرحمن بن إبراهيم، وإبراهيم بن

<<  <  ج: ص:  >  >>