للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يعمر: عبد الله بن بريدة، وكثير بن أبي كثير مولى عبد الرحمن بن سمرة [انظر مثلًا: مصنف ابن أبي شيبة (٥/ ٣٧٣/ ٢٧٠٥٧) و (٥/ ٣٧٤/ ٢٧٠٦٢)، التاريخ الكبير (٥/ ٧٤)، التاريخ الكبير لابن أبي خيثمة (٢/ ٢٠٢٨/١٢٤ - السفر الثالث)، الديات لابن أبي عاصم (٥٤)، شرح مشكل الآثار (١٤/ ١٤٣)، ضعفاء العقيلي (٢/ ٢٤١)، المحلى (١١/ ٢٨ و ٣٤)، السنن الكبرى للبيهقي (٨/ ٩١)].

فيقال: بلى؛ لكنه لا يُثبت الانقطاع في حديثنا هذا؛ فقد جاء تصريح قتادة بسماع هذا الحديث بعينه من يحيى بن يعمر عند البيهقي في سننه الكبرى (٢/ ٣٨٤)، وفي سننه الصغرى (١/ ٣٥٦/ ١٠٠٩)، حيث رواه بإسناد صحيح إلى: عفان: ثنا همام: ثنا قتادة: حدثني يحيى بن يعمر، عن سليمان بن صرد، عن أبي بن كعب، قال: قرأتُ آيةً وقرأ ابن مسعود قراءة خلافها، فأتينا النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: ألم تقرئني آية كذا وكذا؟ قال: "بلى"، قال ابن مسعود: ألم تقرئنيها كذا وكذا؟ قال: "بلى"، قال: "كلاكما محسن مجمل"، قلت: ما كلانا أحسن ولا أجمل! قال: فضرب في صدري، وقال: "يا أبي! أقرئت القرآن فقيل لى: على حرف أم على حرفين؟ فقال الملك الذي معي: على حرفين، فقلت: على حرفين، فقيل لي: على حرفين أم ثلاثة؟ فقال لى الملك الذي معي: على ثلاثة، فقلت: ثلاثة، حتى بلغ سبعة أحرف، قال: ليس فيها إلا شافٍ كافٍ، قلتَ: غفور رحيم، عليم حليم، سميع عليم، عزيز حكيم، نحو هذا، ما لم يختم آية عذاب برحمة، أو رحمة بعذاب".

فاتصل بذلك الإسناد، وصح الحديث، والحمد لله رب العالمين.

° فإن قيل: أليس في هذا الحديث ما يدل على الإذن أن يقولوا ذلك اجتهادًا من قبل أنفسهم، بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم - في آخر الحديث: "إن قلت: غفورًا رحيمًا، أو قلت: سميعًا عليمًا، أو عليمًا سميعًا؛ فالله كذلك، ما لم تختم آيةَ عذابٍ برحمةٍ، أو آيةَ رحمةٍ بعذابٍ"؟

فيقال: أول الحديث ينقض هذه الدعوى؛ فقد اتفق أبي وابن مسعود على أن كل واحد منهما سمع قراءته من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنها لم تكن اجتهادًا من قبلهما، فقال أبيٌّ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ألم تقرئني آية كذا وكذا؟ قال: "بلى"، وقال ابن مسعود: ألم تقرئنيها كذا وكذا؟ قال: "بلى"، فدل على أنهما لم يجتهدا من قبل أنفسهما، وإنما تلقيا القرآن من في رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم إن قول الملك في آخر الحديث: "ليس منها إلا شافٍ كافٍ"؛ يعني: المنزل من عند الله، فيما أقرأه جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفيما أقرأه النبي - صلى الله عليه وسلم - صحابته.

وهذا هو ما دل عليه حديث عمر حين قال لهشام بن حكيم: من أقرأك هذه السورة التي أسمعك تقرؤها؟ قال: أقرأنيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: قلت له: كذبت، فوالله إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهو أقرأني هذه السورة التي تقرؤها، قال: فانطلقت أقوده إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقلت: يا رسول الله، إني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها، وأنت أقرأتني سورة الفرقان، فقال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أرسله يا عمر، اقرأ يا هشام"، فقرأ عليه القراءة التي سمعتُ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هكذا أُنزلت"، ثم قال: "اقرأ يا عمر"، فقرأت

<<  <  ج: ص:  >  >>