للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال أبو عبيد: "قوله: "سبعة أحرف" يعني: سبع لغات من لغات العرب، وليس معناه أن يكون في الحرف الواحد سبعة أوجه، هذا لم يسمع به قط، ولكن يقول: هذه اللغات السبع متفرقة في القرآن: فبعضه نزل بلغة قريش، وبعضه بلغة هوازن، وبعضه بلغة هذيل، وبعضه بلغة أهل اليمن، وكذلك سائر اللغات، ومعانيها في هذا كله واحدة.

ومما يبين لك ذلك قول ابن مسعود؛ [قال أبو عبيد]: حدثني أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن عبد الله، قال: إني قد سمعت القراء، فوجدتهم متقاربين، فاقرؤوا كما علمتم، إنما هو كقول أحدكم: هلم، وتعال.

وكذلك قال ابن سيرين: إنما هو كقولك: هلم، وتعال، وأقبل، ثم فسره ابن سيرين، فقال في قراءة ابن مسعود: "إن كانت إلا زَقيةً واحدة"، وفي قراءتنا: {إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً} [يس: ٢٩] والمعنى فيهما واحد، وعلى هذا سائر اللغات لا أغريب الحديث لأبي عبيد (٢/ ٦٤٢ - ٦٤٤)، [وانظر كلامه أيضًا في فضائل القرآن (٣٣٩ - ٣٤٧)].

قلت: أثر ابن مسعود: أخرجه أيضًا عبد الرزاق في تفسيره (٢/ ٢١٠/ ١٢٩٣)] وسعيد بن منصور في السنن (٣٤)، وابن أبي شيبة (٦/ ١٢٧/ ٣٠٠٢٨)، وابن شبة في تاريخ المدينة (٣/ ١٠٠٧)، وأبو بكر ابن أبي مريم فيما رواه من حديث الفريابي عن الثوري (٢٤٩)، وابن جرير الطبري في تفسيره (١/ ٤٦) و (١٣/ ٧٧)، وابن مجاهد في السبعة (٤٧)، وابن أبي حاتم في تفسيره (٧/ ٢١٢١/ ١١٤٦٥)، وأبو القاسم الزجاجي في أخباره (٤١)، والطبراني في الكبير (٩/ ١٤٩/ ٨٦٨٠)، وفي الأوسط (٢/ ١٠٩/ ١٤٠٩)، والبيهقي في السنن (٢/ ٣٨٥)، وفي الشعب (٤/ ٣٦٩/ ٢٠٧٢)، والخطيب في تاريخ بغداد (٦/ ٣٢٢ - ط الغرب)، وفي تلخيص المتشابه (٢/ ٨٧٨).

ولفظه عند البيهقي: سمعت القراء فوجدناهم متقاربين، اقرؤوا ما عُلِّمتم، وإياكم والتنطع والاختلاف، فإنما هو كقول أحدهم: هلم، وتعال، وأقبل.

أخرجوه من طريق: الثوري، وشعبة، وأبي معاوية، وحفص بن غياث، وزائدة بن قدامة، وعبد الله بن نمير، وسفيان بن عيينة، وحمزة الزيات، وعبد الرحمن بن مغراء، عن الأعمش به؛ فهو صحيح موقوفًا على ابن مسعود قوله، وهو أصح وأعلى ما في الباب في تفسير معنى الأحرف السبعة، وأنها: ألفاظٌ مختلفة بمعانٍ متقاربة، وفيه رد مفحم على زعم من زعم أن مصحف عثمان استوعب الأحرف السبعة، وابن مسعود يقول بأنه وجد ما مع القراء من الاختلاف في الأحرف مثل اختلاف العرب في استدعاء الشخص بقولهم: هلم، فإن قال: تعال، فهو بمعناه، وإن اختلفت حروف الكلمة ولفظها، وكذلك لو قال له: أقبل، فهو بمعناه أيضًا، والاختلاف في الأحرف على أصناف كثيرة، لكنه أراد أن يضرب مثالًا بأوضحها بيانًا في الاختلاف في الكلم، وأنه ليس فقط في الإعراب، أو الجمع والإفراد، أو التذكير والتأنيث، أو تبديل أدوات العطف، أو التشديد والتخفيف، أو التقديم والتأخير، أو الحذف والإثبات، أو النهي والنفي، أو الأمر والإخبار، أو التحريك

<<  <  ج: ص:  >  >>