للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

روي في الحروف المتفقة في الخط، المختلفة في اللفظ"، ثم أسند حديث ابن عباس، ثم ذكر أمثلة على اختلاف القراء مما اتفق في الرسم، واختلف في اللفظ، مثل: فتبينوا، فتثبتوا، فلنبوئنهم، فلنثوينهم، ننشرها، ننشزها، مما يدل على أنه رأى اختلاف حرف ابن مسعود وحرف زيد إنما كان مما يحتمله خط مصحف عثمان الذي جمع عليه الأمة، وأجمع عليه الصحابة، ويؤيد ما ذهب إليه أن اختيار حمزة والكسائي وخلف كان يرجع أكثره لحرف ابن مسعود، وكذلك قراءة شعبة عن عاصم عن زر عن ابن مسعود، قال أبو جعفر النحاس في الناسخ والمنسوخ (٤٨٤): "على أن حرف عبد الله الصحيح: أنه موافق لمصحفنا؛ يدلك على ذلك: أن أبا بكر بن عياش، قال: قرأت على عاصم، وقرأ عاصم على زر، وقرأ زر على عبد اللّه"، وقال علم الدين السخاوي في جمال القراء (٥٢١): "فقراءة حمزة ترجع إلى عثمان، وابن مسعود، وعلي بن أبى طالب - رضي الله عنهم -"، ونقل القرطبي في تفسيره (٢٠/ ٨١) عن أبي بكر الأنباري: "أن حمزة وعاصمًا يرويان عن عبد اللّه بن مسعود ما عليه جماعة المسلمين" [انظر: شرح مشكل الآثار (١/ ٣٠٩)، جامع البيان لأبي عمرو الداني (١/ ٢٧٠)، جمال القراء (٥٢١)، غاية النهاية (١/ ٢٦٢)]، والله أعلم.

وهذا يرجع إلى ما سبق تقريره في البحث السابق: أن ابن مسعود كان له حرف يقرأ به لنفسه، ويخص به بعض أصحابه [كما في قصة علقمة مع أبي الدرداء]، وكان يقرئ الناس من أهل الكوفة بما يوافق رسم مصحف عثمان حتى لا يخالف بذلك جماعة المسلمين، وانتشرت قراءته هذه عند أهل الكوفة: عاصم وحمزة والكسائي وخلف، واللّه أعلم.

مصحف عثمان، والأحرف السبعة.

• ثم جمع عثمان الناس على مصحف واحد، وحرف واحد، لما وقع الاختلاف بين أهل العراق وأهل الشام حين اجتمعوا في غزو إرمينية، صيانة للأمة من الافتراق، وجمعًا لها على حرف واحد، حتى عفت آثار الحروف الستة الباقية مما خالف خط مصحف عثمان، ولم يعد هناك سبيل إلى معرفتها، سوى الشيء بعد الشيء مما نقل لنا بإسناد صحيح، وما قرأ به أهل الأمصار على ما حفظوه من هذه الأحرف مما يوافق الرسم، فتركوا من حرفهم ما خالف رسم عثمان، وقرؤوا منه ما وافقه، سواء من الأصول أو الفرش، وأما ما كان من الأحرف السبعة مغايرًا في الكلمة والرسم، فهذا مما ارتفع حكم القراءة به، وصار في حكم المنسوخ، لإجماع الصحابة على ذلك، والله أعلم [راجع: جامع البيان].

° فقد روى ابن شهاب؛ أن أنس بن مالك حدثه؛ أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان، وكان يغازي أهل الشام في فتح إرمينية وأذربيجان مع أهل العراق، فأقزع حذيفةَ اختلافُهم في القراءة، فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين! أدرك هذه الأمة، قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلافَ اليهود والنصارى، فأرسل عثمان إلى حفصة: أن أرسلي إلينا

<<  <  ج: ص:  >  >>