للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالصحف ننسخها في المصاحف، ثم نردها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيدَ بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش، فإنما نزل بلسانهم، ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف، رد عثمان الصحف إلى حفصة، وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق.

أخرجه البخاري (٤٩٨٧).

وفي رواية أخرى: فأمر عثمانُ زيدَ بن ثابت، وسعيد بن العاص، وعبد اللّه بن الزبير، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، أن ينسخوها في المصاحف، وقال لهم: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في عربية من عربية القرآن فاكتبوها بلسان قريش، فإن القرآن أنزل بلسانهم ففعلوا.

أخرجه البخاري (٤٩٨٤).

وفي هاتين الروايتين بيان تحذير حذيفة من اختلاف الأمة في كتابها كاختلاف اليهود والنصارى، وأمر عثمان بكتب المصحف على حرف واحد ليرفع هذا الاختلاف الواقع بين الناس، ودليل ذلك قوله في الرواية الأخرى: إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في عربية من عربية القرآن فاكتبوها بلسان قريش، وفيه إشارة للأحرف السبعة التي نزل بها القرآن من لغات العرب، فإذا اختلفوا في حرف منها فإنهم يكتبونه بلسان قريش؛ يعني: على حرف واحد، وترك ما عداه، إذ ما كانوا فيه مختلفين قبل ذلك كان قرآنًا يتلى، لكنه أراد إلزامهم بحرف واحد فقط رفعًا للخلاف، وبدليل قول أنس في نهاية الحديث: وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق؛ يعني أن ما كان في هذه المصاحف مخالفًا لما في مصحف عثمان فإنه يمنع من القراءة به، وإظهاره بين الناس، جمعًا لكلمة المسلمين على حرف واحد، وأن هذه المصاحف كانت تختلف في رسمها وبعض كلمها عن بعض، وعن مصحف عثمان.

قال أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح: سألت سفيان بن عيينة عن اختلاف قراءة المدنيين والعراقيين؛ هل تدخل في السبعة الأحرف؟ فقال: "لا، وإنما السبعة الأحرف كقولهم: هلمَّ، أقبلْ، تعالَ، أيَّ ذلك قلت أجزاك"، قال أبو الطاهر: وقاله ابن وهب [التمهيد (٨/ ٢٩٣)].

قال أبو بكر محمد بن عبد اللّه الأصبهاني المقرئ: "ومعنى قول سفيان هذا: أن اختلاف العراقيين والمدنيين راجع إلى حرف واحد من الأحرف السبعة" [التمهيد (٨/ (٢٩٣)].

وقال الطحاوي في شرح المشكل (٨/ ١٢٥): "وكانت هذه السبعة للناس في هذه الحروف في عجزهم عن أخذ القرآن على غيرها مما لا يقدرون عليه، لما قد تقدم ذكرنا له

<<  <  ج: ص:  >  >>