للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

° وخالف في ذلك: أبو عمرو الداني وابن حزم حيث ذهبا إلى أن الأحرف السبعة موجودة في مصحف عثمان، لم ينقص منها شيء، وقد اشتمل عليها جميعًا لم يغادر منها حرفًا، وهي مبثوثة في القراءات المشهورة، وهذا القول مخالف للنصوص الواردة، ومخالف لقول جمهور الصحابة وعامة الأئمة، والصواب: قول الجمهور، وهو القول المرضي عند علماء السلف؛ كما قال شيخ الإسلام، ولا يهولنك تهويل ابن حزم؛ فإنه معروف بذلك؛ حتى وصل به الأمر إلى تجريم مخالفيه، ووصفهم بأقبح الأوصاف، بل وتكفيرهم عياذًا باللّه، وابن حزم كثير التجاوز في الرد على مخالفيه من أئمة الدين، وأعلام الأمة، ورميهم بأبشع الأوصاف، واتهامهم بأقذع الألفاظ.

° مسألة:

بيان ما هو قرآن يتلى ويتعبد به، وما هو قرآن لا يتلى ولا يتعبد به، وما ليس بقرآن: قال مكي بن أبي طالب في الإبانة (٣٩): "جميع ما روي من القراءات على ثلاثة أقسام:

أمب بكيقرأ به اليوم، وذلك ما اجتمع فيه ثلاث خلال، وهي:

أن ينقل عن الثقات إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.

ويكون وجهه في العربية التي نزل بها القرآن شائعًا.

ويكون موافقًا لخط المصحف.

فإذا اجتمعت فيه هذه الخلال الثلاث قرئ به، وقطع على مغيبه وصحته وصدقه؛ لأنه أخذ عن إجماع من جهة موافقته لخط المصحف، وكفر من جحده.

والقسم الثاني: ما صح نقله في الآحاد، وصح وجهه في العربية، وخالف لفظه خط المصحف. فهذا يقبل، ولا يقرأ به لعلتين:

إحداهما: أنه لم يؤخذ بإجماع، إنما أخذ بأخبار الآحاد، ولا يثبت قرآن يقرأ به بخبر الواحد.

والعلة الثانية: أنه مخالف لما قد أجمع عليه، فلا يقطع على مغيبه وصحته، وما لم يقطع على صحته لا تجوز القراءة به، ولا يكفر من جحده، وبئس ما صنع إذ جحده.

والقسم الثالث: هو ما نقله غير ثقة، أو نقله ثقة ولا وجه له في العربية.

فهذا لا يقبل وإن وافق خط المصحف".

° فائدة:

ومن فوائد جعل القرآن متشابهًا مثاني، قال مكي بن أبي طالب في الإبانة (٦٠): "أن اللّه جل ذكره علم أن القرآن لا يجمعه كل إنسان في وقت نزوله، ولا يقف على ما نص فيه جميع العباد، فكرر القصص، والتحذير والتخويف، والتوحيد، والإخبار عن البعث والنشر، والحجج على جوازه، وغير ذلك في أكثر سور القرآن، ليكون من بلغه بعض السور وقف على ذلك أجمع، ومن بلغه البعض الآخر وقف فيه على نحو ذلك،

<<  <  ج: ص:  >  >>